على إيقاع التقدم المتسارع لقوات صنعاء في مأرب، شمال شرق اليمن، يكثف التحالف السعودي- الإماراتي ومن خلفه الولايات المتحدة وبريطانيا تحركاته السياسية والعسكرية لمنع سقوط أخر مسمار في نعشه باليمن، فما هي خياراته؟
سقوطُ مأرب بالنسبة لقوات صنعاء، التي تحقق تقدمات بصورة يومية مكنتها حتى الان من تحرير معظم مديريات المحافظة، اصبحت مسألة وقت لا اكثر، وهي الأن ترتب للمعركة الفاصلة مع تداعي قبائل اليمن لنصرة ال سبيعان، وجميع المؤشرات تؤكد بأن التنسيق جاري مع ابناء المحافظة وقبائلها لطرد ما تبقى من فصائل التحالف في المدينة، اخر معاقل الاخوان”.
قرارُ تحرير مأرب صدر- كما تؤكد المعطيات على الارض- ولا مجال للتراجع عنه بالنسبة لصنعاء، لكن ما الذي تشكله هذه المحافظة بالنسبة للتحالف وما ردة فعله؟
مأرب هي اهم محافظة نفطية تمتد على مسافة كبيرة من الحدود مع السعودية، وتحريرها من قبل قوات صنعاء يعني تطويق السعودية وصولا إلى الوديعة في حضرموت وهو ما تخشاه السعودية حاليا وتحاول تلافيه بتكثيف التحركات السياسية والعسكرية..
عسكريا، لم تعد للسعودية اوراق مع اقتراب المعارك من المسافة صفر من المدينة وهو ما يعني تحييد طيرانها الحربي الذي ظل ضرره بالنسبة لقوات هادي اكثر من نفعه بعد تعرض معسكرات اتباعها في المدينة لغارات جوية خلال الايام الماضية، لكن رغم ذلك تحاول السعودية الدفع بأوراق جديدة كتحريك الجماعات المتطرفة من معاقلها في البيضاء بغية تأخير عملية دخول صنعاء المدينة إلى جانب محاولة الضغط عسكريا سواء بالمناوشات التي تدفع بها إلى الجوف أو بالتصعيد في الساحل الغربي..
يدرك التحالف بأن الورقة العسكرية اصبحت محروقة بالنسبة له وتحديدا في مأرب، لذا يعمل بكل جهد لتحريك الورقة السياسية والتي بدأها مؤخرا بإرسال المبعوث الأممي إلى مسقط حيث يقيم وفد صنعاء في المفاوضات الاممية، وعندما لم يستقبل الوفد مارتن غريفيث سارعت السعودية لتسريب وثيقة مقترحات غريفيث للسلام واغلب نصوصها تحمل مضامين تمنح صنعاء الشرعية مستقبلا مقابل بنود تخص امن السعودية وحدودها ومنع الهجمات عليها..
وفقا ما تضمنته التسريبات من مقترحات غريفيث والتي نشرها مندوب قناة العربية السعودية في الأمم المتحدة، طلال الحاج، واكدها لاحقا مكتب غريفيث بوصفها “مقترحات” ازاحة هادي ونائبة واعادة ضخ نفط مأرب عبر ميناء راس عيسى في الحديدة إلى جانب عدم اثارة مواضيع حساسة في المقترحات كانت السعودية تضغط لإبقائها بنود رئيسية كسحب الاسلحة وبقاء المرجعيات الثلاث التي سبق لصنعاء وأن رفضتها بشكل مطلق.
اضف إلى ذلك المسار الاقتصادي والذي بدا التحالف من خلاله الضغط على صنعاء من خلال احتجاز سفن الوقود والغذاء أو التلويح بإخضاع خزان صافر لمجلس الامن وهي خطوة يحاول من خلالها التهديد بملف الحديدة..
ستدخل قوات صنعاء مدينة مأرب قريبا. هذا ما يؤكده الساسة في صنعاء وتوثقه المعارك على الارض، لكن واقعها على التحالف سيكون اكبر فهذه المحافظ ستغير الكثير من الخارطة العسكرية والسياسية وستقلب الموازين على كافة الاصعدة، حينها لن يجد التحالف سوى الانصياع للأمر الواقع والتأقلم معه أو الغرق في مستنقع الحرب على اليمن.