يحدث الآن في مدينة مأرب، وقوات الحوثي تستكمل تأمين محيطها"

قبل 3 سنة | الأخبار | اخبار الوطن

لا يبدو من المبكر القول إن مأرب قد سقطت فعليا بيد قوات صنعاء، فبحسب المعطيات الواقعية والميدانية، فإن المساحات الشاسعة التي استطاعت هذه القوات السيطرة عليها خلال الاشهر الماضية، كانت تمثل المتنفس الوحيد وساحة المناورة التي يمكن أن تطيل أمد المعركة وتجعل من الصعب التنبؤ بنتيجتها مسبقا، لتظل الاحتمالات مشرعة الأبواب.

منذ أشهر، وتحديدا في أعقاب تمكنها من كسر القوات الموالية للتحالف في نهم والجوف والسيطرة على عاصمة المحافظة مدينة الحزم، تمكنت قوات صنعاء من الوصول إلى مشارف مأرب، غير أن ذلك التقدم رغم خطورته لا يعني الكثير مما هو عليه الوضع الميداني حاليا، ففي الاستراتيجيات العسكرية، يكون التقدم المباشر نحو الهدف أول مؤشرات الفشل وخسارة المعركة، كما أن محاولة إسقاط أي مدينة دون إطباق الحصار عليها يحمل الكثير من المخاطر ويرفع من الكلفة البشرية والمادية، فكان لابد لقوات صنعاء المتمرسة على القتال في مختلف البيئات والظروف أن تؤجل الاتجاه نحو إسقاط مدينة مأرب، ريثما تستكمل تأمين محيطها، وهو ما فعلته خلال هذه الفترة.

باتت مارب اليوم مطوقة من ثلاث جهات، فمن جهة الشمال جبهة صحراء الجوف ومعسكر اللبنات، ومن جهة الغرب جبهة ماس وصرواح، ومن جهة الجنوب جبهة العبدية وماهلية،وهو ما يعني إطباق الحصار عليها رويدا رويدا، استعدادا للمعركة الحاسمة، والتي قد تُشن في توقيت واحد من المحاور الثلاثة.

في ضوء المعادلة السابقة، والتي كانت عبارة عن قراءة مبسطة للواقع الميداني، تبدو معالم المعركة أكثر وضوحا، سيما إذا ما اقتربنا أكثر من الوضع النفسي للقوات الموالية للتحالف، فمن جهة القوات التابعة لحزب الإصلاح، والتي تشعر بالخيبة والخذلان لها من قبل التحالف مرة بعد أخرى، فإنها أصبحت تنظر لنفسها وكأنها المستهدف من سيرورة المعركة على هذا النحو.. ومعروف عن حزب الإصلاح قوة استشعاره لما يُحاك ضده من قبل الحلفاء الأعداء في الرياض وأبو ظبي، إذ لا تزال جراحه تنزف جراء ما ناله على يد أدوات التحالف في المحافظات الجنوبية، حيث مثلت المجازر التي ارتكبها الطيران الحربي التابع للإمارات في صفوف مقاتليه، تمثل قرصة الأذن التي لن يذهب ألمها سريعا.

وبهذا فإن قوات الإصلاح ربما تكون أول المغادرين، ويزيد من هذا الاحتمال التحرك العسكري للإصلاح في محافظة تعز،ومحاولته التمدد غربا نحو مديرية الحجرية لتأمين تواجده في المحافظة، خصوصا في ظل تحريك الإمارات للقوات الموالية لها بقيادة طارق صالح والقوات السلفية الموالية أيضا للإمارات، نحو المديرية، وهو ما قد ينذر بمواجهات وشيكة في هذه المنطقة، كما أن هذه المواجهات قد تكتسب أبعادا أخرى، نظرا لقربها من مناطق سيطرة الإمارات في سواحل المخا وذوباب وباب المندب.

وبالعودة إلى معركة مأرب والتي لن يبذل يكاد حزب الإصلاح يسلم بخسارتها مدفوعا بمخاوفه من خذلان التحالف، وأن يكون الأمر عبارة عن محرقة يراد له أن يلقي قواته فيها، فإن مسلحي القبائل هم الآخرون باتوا على يقين من أنهم ليسوا الهدف المقصود من المعركة التي أثبتت السنوات الخمس الماضية أن الحرب برمتها ليست حربهم، وليست من أجلهم، وبالذات بعد أن تكشفت لهم أطماع السعودية وحزب الإصلاح على السواء، وبهذا فإن الانضمام إلى قوات صنعاء يغدو الخيار الأكثر قبولا لديهم، وخاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار استيعاب الحوثيين للقبائل والمكانة التي تحظى بها القبيلة اليمنية لديهم في مختلف المحافظات، على عكس ما يلقاه أبناء القبائل من القوات الموالية للتحالف وما تعرضوا له من تنكيل على أيدي هذه القوات المتعددة الولاءات، حيث كان آخرها ما تعرض له آل سبيعان في وادي عبيده قبل أيام.

أشهر من تشديد الخناق على مارب من ثلاث جهات، غدت معها القوات التابعة لحكومة هادي وحزب الإصلاح والتي تتمركز داخل المدينة أو في محيطها،في حكم المحاصرة، وخاصة بعد ما تلقته من انكسارات في المحاور المحيطة والتي سقطت في ايدي قوات صنعاء وحصلت خلالها على كميات كبيرة ومتنوعة من السلاح والعتاد العسكري، وهذا بحد ذاته عامل آخر من عوامل حسم المعركة لصالح صنعاء، والتي بات ضمها لمدينة مأرب إليها مجرد وقت .