يقيم براتيك ديساي، أحد المدراء التنفيذيين لدى شركة (لارسن أند تربو) الهندسية العملاقة، في الكويت منذ 25 سنة. ولكن مستقبله يبدو غير مضمون الآن، وذلك بعد مصادقة مجلس الأمة الجزئية على قانون للوافدين يهدف إلى خفض عدد العاملين الأجانب في الكويت.
فقد صدّقت على مسودة القانون اللجنتان القانونية والتشريعية في مجلس الأمة، ولكنه لن يصبح نافذ المفعول إلا بعد مصادقة الحكومة عليه. وإذا حصل ذلك، قد يُجبر ديساي ونحو 800 ألف من المواطنين الهنود على مغادرة الكويت. يذكر أن الوافدين يشكلون في الوقت الحاضر 70 في المئة من سكان الكويت البالغ عددهم 4 ملايين نسمة. ويهدف القانون الجديد إلى خفض هذه النسبة إلى 30 في المئة.
ومن المرجح أن يكون الهنود، الذين يشكلون أكبر الجاليات الوافدة، الأكثر تأثرا بالقانون الجديد. ويقول خبراء إنه يبدو أن سبب إصدار القانون الجديد هو تباطؤ الاقتصاد الكويتي والطلب المتزايد على فرص العمل من قبل الكويتيين. وأورد الإعلام الكويتي المحلي أن رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد الصباح وصف حجم العمالة الوافدة في الكويت بأنه "خلل كبير"، مضيفا "نواجه تحديا مستقبليا في مواجهة هذا الخلل". وسيتأثر بالقانون الجديد، إضافة إلى الوافدين الهنود، عمال وموظفون وافدون من باكستان والفلبين وبنغلاديش وسريلانكا ومصر. وتقول الحكومة الهندية إنها شرعت في محادثات مع السلطات الكويتية حول الموضوع.
وقال أنوراغ سريفاستافا الناطق بإسم وزارة الخارجية الهندية "إن الجاليات الهندية في الكويت وغيرها من دول الخليج تتمتع باحترام وتقدير كبيرين وهناك اعتراف بمساهمات هذه الجاليات. وقد عبرنا عن توقعاتنا، وسوف يأخذ القرار الكويتي هذه التوقعات بعين الاعتبار". ويقول ديساي إن الأمر ليس محصورا بخسارته لوظيفته، بل يتعلق أيضا بإجباره على العودة إلى الهند. كيف أثرت ثنائية كورونا وتراجع أسعار النفط على العمال في الخليج؟ هل تدفع العمالة الوافدة في الخليج ثمن أزمتي النفط وكورونا ؟ ويقول "عندما تقيم في بلد ما لهذه الفترة الطويلة، تصبح لك أواصر عاطفية مع ذلك البلد. فالأمر سيؤثر عليّ عاطفيا أكثر من تأثيره المادّي".
يذكر أن الكويت تعد واحدة من أكبر مصادر التحويلات المالية الأجنبية إلى الهند. فالهنود المقيمون في الكويت حولوا نحو 4,6 مليار دولار إلى بلادهم في عام 2017، حسب مركز بيو للأبحاث. ويعمل حوالي 300 ألف هندي في قطاع الخدمة المنزلية في الكويت كسائقين وطهاة وخدم، ويقول كثيرون إنه لن يكون من اليسير ملء هذه الشواغر من العمالة المحلية. ويبدو أن السبب الذي دفع الكويت إلى إصدار القانون الجديد هو إنهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية والذي كان له تأثير سلبي كبير على اقتصاد البلاد الذي يعتمد أساسا على النفط. وقد أحيلت مسودة القانون الآن إلى لجنة برلمانية أخرى التي ستصيغ خطة شاملة لتنفيذ بنوده. كما ينتظر مجلس الأمة الكويتي رأي الحكومة حول الموضوع،
حسب ما ذكرت صحيفة كويت تايمز الناطقة باللغة الإنجليزية. ولكن هل سيسن القانون ويصبح نافذ المفعول؟ يشكك الكثير من الخبراء في ذلك. قال الدكتور أي كي باشا، الأستاذ في مركز دراسات غربي آسيا في جامعة جواهر لال نهرو في دلهي، لبي بي سي "سمعنا عن هذا الأمر مرات عدة منذ بدأ الهنود بالتوجه إلى الكويت في عام1972. فكلما تنخفض أسعار النفط، يحاولون خفض عدد الوافدين، ويجري التركيز على الهنود لأنهم الأكبر عددا" وأضاف الدكتور باشا أن الهنود ساهموا بشكل كبير في تشييد البنى التحتية في الكويت، ولا يمكن طردهم من البلد بهذه السهولة. وقال "لا يمكن للكويتيين أن يواصلوا التمتع بالحياة التي ألفوها دون وجود العمالة الوافدة لأن الكويتيين لا يرغبون أو يترددون في القيام بالعديد من الأعمال التي يضطلع بها الوافدون". ويعتقد الدكتور باشا أنه لو غادر العمال الوافدون الكويت، ستتباطأ وتيرة تشييد البنى التحتية في الكويت كمشاريع الإسكان نظرا لإنخفاض أسعار النفط وإنتشار وباء فيروس كورونا. وقال "ستتأثر العمالة غير الماهرة إلى حد ما، ولكن الحاجة إلى هذه العمالة ستستمر على المدى البعيد من أجل إدامة البنى التحتية". كما يعتقد آخرون بأن خفض عدد العمال الوافدين بشكل كبير ليس قرارا عمليا. وقال قيصر شاكر، وهو محاسب قانوني يعمل لدى شركة هندسية في الكويت، لبي بي سي "من المستحيل عمليا أن تبقي 200 ألف هندي هنا وتعيد 800 ألف إلى بلدهم". وقال "لا أتوقع أن يسن هذا القانون، فالحكومة الكويتية تتحسس بشكل كبير تجاه الهنود ولن تجبرهم على مغادرة البلاد". ولكن خبراء آخرين يقولون إن الحكومة الكويتية تتعرض لضغوط كبيرة نتيجة البطالة المتصاعدة. فهناك العديد من الكويتيين الذين يدرسون في الخارج والذين يرغبون في العودة إلى بلدهم للعمل. ويقول بريان توماس، وهو محاسب قانوني هندي يعمل في الكويت، إن ذلك سيضع الكثير من الوظائف التي تتطلب مهارات خاصة في خطر بالنسبة للعمالة الوافدة. ويقول "إذا لم يجد الخريجون الكويتيون فرص عمل في بلدهم، فإلى أين سيتوجهون؟". ويقول "يرغب هؤلاء بوظائف إدارية فقط. لن تجد كويتيا واحدا يريد أن يعمل كفني. أنا شخصيا أعمل في المجال المالي، ولذا فإن وظيفتي في خطر أكثر من غيرها من الوظائف".