يزداد المشهد السياسي باليمن تعقيداً بعد وصول مشاورات الرياض الجارية إلى طريق مسدود وسط تصعيد من جانب المجلس الإنتقالي ومطالب حضرموت بحصتها من المشاورات والمخرجات .
نقلت قناة الجزيرة عن مصدر في الحكومة القول إن عبدربه منصور هادي اشترط إلغاء إعلان الإدارة الذاتية في المحافظات الجنوبية، الذي أعلنه المجلس الانتقالي، من أجل تنفيذ اتفاق الرياض.
ووفقاً للجزيرة فإن الرئيس هادي اشترط إلغاء إعلان الإدارة الذاتية، وتمسّك المجلس الانتقالي بمطلبه في الحصول على حصة الجنوب كاملة في الحكومة الجديدة، أدى إلى عدم إحراز أي تقدم في المشاورات التي تُجرى في العاصمة السعودية.
وأشارت الجزيرة إلى أن السعودية لم تقدّم ضمانات واضحة تُلزم المجلس الانتقالي بتنفيذ الاتفاق المعدّل -في حال توقيعه- وإدماج قواته بالمؤسسات العسكرية بعد تشكيل الحكومة الجديدة، التي وافق هادي على أن يُشكّلها معين عبدالملك إذا تم توقيع الاتفاق .
وذكر مصدر مطلع إن السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، عقد اجتماعاً السبت- مع مستشاري هادي وأعضاء هيئة برلمانه المنتمين للمحافظات الجنوبية، وممثلي المجلس الانتقالي، وأطلعهم على خطة تقسيم المقاعد الوزارية الـ12 المخصصة لمحافظات الجنوب.
وأوضح المصدر أن تقسيم الحقائب الخاصة بالجنوب تم على أساس أن يكون التعيين لحقيبتين سياديتين من اختصاص هادي، وأربع حقائب وزارية للمجلس الانتقالي، وحقيبة وزارية واحدة لحزب الإصلاح، وحقيبة وزارية للمؤتمر الشعبي العام، وأربع حقائب وزارية لمكونات حضرموت والمهرة وسقطرى.
وفيما يتعلّق بحصة المحافظات الشمالية -بحسب الرؤية السعودية- فقد تم التوزيع على أساس أن يكون التعيين لحقيبتين سياديتين من اختصاص هادي، وثلاث حقائب للإصلاح، وثلاث للمؤتمر الشعبي، وحقيبتين لحزب العدالة والبناء والسلفيين، وحقيبة واحدة للحزب الاشتراكي، وحقيبة للناصري.
وبحسب المصدر، فإن الانتقالي يُطالب بتشكيل الحكومة الجديدة مناصفة بينه وبين حكومة الشرعية بموجب اتفاق الرياض، مستهدفاً إقصاء جميع المكونات الجنوبية الأخرى، وطرح نفسه كممثل وحيد للقضية الجنوبية.
يأتي ذلك في ظل حديث عن ضغوط سعودية على هادي لتنفيذ الشقّ السياسي من اتفاق الرياض، المُبرم في نوفمبر الماضي، مقابل ضمانات بتطبيق الشقّ العسكري والأمني في وقت لاحق.
وكان رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، علي الجرادي،قد قال في تغريدة على تويتر “هناك توجه من بعض القوى الدولية والإقليمية لإزاحة الرئيس هادي عن المشهد واستبداله بأي صيغة توافقية أخرى، الرئيس ليس مستهدفا كشخص لكن المطلوب إزاحة شرعيته المنصوص عليها بقرار دولي ليتمكنوا من رسم الخارطة بعيدا عن شرعية الجمهورية اليمنية الاتحادية وفق تقسيمات جغرافية ومذهبية جديدة”.
وقالت صحيفة"العرب"التابعة للإمارات ان المشاورات الجارية لتنفيذ إتفاق الرياض وصلت إلى طريق مسدود متهمة حزب الاصلاح بخلط الاوراق .
ولفتت الصحيفة إلى هيمنة “تيار قطر” في الحكومة على مجريات النقاش الدائر حول اتفاق الرياض، وتشدد هذا التيار في رفض تنفيذه وفقا للمقاربة التي اقترحها التحالف العربي والتي تعرضت لحالة هجوم سياسي وإعلامي علني من قبل قيادات بارزة في “الشرعية” جاهرت برفضها للاتفاق الذي رعته الحكومة السعودية في نوفمبر من العام الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى وجود رؤية جديدة لدى المجتمع الدولي والتحالف العربي حول فشل تنفيذ اتفاق الرياض بشكله الحالي بعد مرور حوالي تسعة أشهر على توقيعه، وما تخلل تلك المدة من تغيرات سياسية وعسكرية، الأمر الذي يستدعي تقديم مقترحات جديدة أو نسخة معدلة من الاتفاق.
واتهمت الصحيفة الموالية للإمارات الحكومة بدفعت بالمزيد من التعزيزات من محافظتي شبوة ومأرب، إضافة إلى دفع وزير النقل المستقيل صالح الجبواني بالمئات من العناصر الذين تم تدريبهم في المعسكرات الممولة من قطر في محافظة شبوة حسب وصف الصحيفة.
واتهمت الصحيفة وزير الداخلية اليمني المقيم في العاصمة العمانية مسقط بشراء الولاءات ودعم جبهات الإخوان في أبين بالأموال التي حصل عليها في أعقاب زيارته السرية للدوحة.
من جهته قال البرلماني شوقي القاضي: "يجب أن تصدق السعودية في مسألة حل الخلاف بين الحكومة والانتقالي وتصدق مع اليمن والشرعية قولاً وعملاً".
وأضاف القاضي أن نجاح المشاورات يعتمد على صدق السعودية.
وأكد القاضي في تغريدة له على تويتر، أن الإمارات لن تستطيع التحرك وفرض مليشياتها في حال صدقت السعودية مع الحكومة.
وحمل القاضي السعودية مسؤولية إخفاق المشاورات وتمزق الحكومة الشرعية.
من جانبه، يرى المحلل العسكري اليمني يحيى أبو حاتم -في تغريدة له على تويتر- ضرورة سحب القوات العسكرية للانتقالي إلى خارج عدن كشرط لنجاح اتفاق الرياض.
ويعتقد أبو حاتم أن نقطة الحل تكمن في سحب القوات العسكرية إلى خارج عدن وتسليم الأسلحة الثقيلة التي بيد المليشيات وتسليم مقرات الدولة وإعادة الأموال المنهوبة ودمج المليشيات ضمن الجيش الوطني، ثم لتأتي خطوة تشكيل حكومة جديدة.
وأكد أبو حاتم أن ما سوى ذلك إنما هو تفخيخ للمستقبل فقط.
وصعد المجلس الإنتقالي من تحركاته بعد مطالبة حضرموت بحصتها من المشاورات والمخرجات
وأثار إصرار الانتقالي على احتكار تمثيل المحافظات الجنوبية السلطة المحلية والمكونات الاجتماعية والسياسية في محافظة حضرموت، من أبرزها حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع الذي استنكر محاولات إقصاء أبناء المحافظة ومكوناتها من المشاركة في الحكومة القادمة والمشاورات التي تجري في الرياض.
وشنت عدد من قيادات الانتقالي هجوما حادا على مكونات حضرموت، ودعا الانتقالي أنصاره للاحشاد في فعالية جماهيرية في مدينة المكلا السبت.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بتطبيق "الادارة الذاتية" التي أعلن عنها المجلس الانتقالي أواخر أبريل الماضي، ولاقت الخطوة حينها رفض رسمي وعربي ودولي.
وجاءت هذه التظاهرة رغم قرار منع التجمعات لمواجهة وباء كورونا في حضرموت التي سجلت العدد الأكبر من حالات الإصابة والوفيات.
وقال أحمد سعيد بن بريك، رئيس ما سمي "الإدارة الذاتية للجنوب" في كلمة وجهها للمتظاهرين الموالين للمجلس في مدينة المكلا، إن "حضرموت هي مكملة للعاصمة عدن في تحقيق الإدارة الذاتية على أرض الواقع، وستكون الأيام القادمة جهودنا مبذولة في تنفيذها، أكانت بغياب الحكومة، أو بحضور الحكومة القادمة المتفق، لنوجد لهم حياة كريمة يستحقونها".
وأضاف "لا يجوز أن تكون محافظة حضرموت وهي تنتج ما يوازي 120مليون دولار شهرياً وتحرم من الكهرباء والماء"، مؤكداً "أن الإدارة الذاتية جاءت لاستثمار تلك الموارد التي تصرفها الحكومة اليمنية".
ومنذ إعلان ما يسمى "الإدارة الذاتية" تسيطر قوات المجلس الانتقالي على جميع المؤسسات الإيرادية في العاصمة المؤقتة عدن، ومؤخراً في محافظة أرخبيل سقطرى، وهو ما تعتبره الحكومة استمرار في التمرد وعرقلة لتنفيذ اتفاق الرياض وتطالب بالتراجع الفوري عن ذلك.
ومؤخراً وصل وفد محافظة حضرموت (شرقي اليمن) إلى العاصمة السعودية الرياض للمشاركة في المشاورات التي ترعاها المملكة بين الأطراف اليمنية بهدف تشكيل حكومة جديدة.
وذكر "مؤتمر حضرموت الجامع" (تجمع لشخصيات مختلفة بالمحافظة) في بيان أن الوفد وصل الجمعة على متن طائرة خاصة إلى الرياض.
وأضاف البيان أن توجه الوفد إلى الرياض يأتي استجابة "لدعوة كريمة" من السعودية للتفاوض بخصوص المشاركة في حوارات وتفاهمات التسوية السياسية الجارية حاليا.
وأوضح أن الوفد يتكون من 4 شخصيات، هي رئيسه المهندس أبو بكر أحمد السري، والأعضاء: طارق سالم العكبري، القاضي أكرم نصيب العامري، العميد محمد عوض العليي.
والأربعاء الماضي، أعلن "حلف حضرموت" (أكبر تكتل قبلي بالمحافظة) و"مؤتمر حضرموت الجامع" تشكيل وفد تفاوضي للمشاركة في مفاوضات الرياض بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.
وجاء تشكيل الوفد بعد 5 أيام من رفض الحلف والمؤتمر الجامع تهميش حضرموت في مشاورات تقودها السعودية لتشكيل الحكومة الجديدة وفق اتفاق الرياض، وتهديدها بموقف حاسم في حال عدم التجاوب السريع والعاجل مع مطالبها، وشددت حينها على أن حضرموت أحق بإحدى الرئاسات الثلاث (في إشارة إلى المطالبة بمنصب رئيس الوزراء في الحكومة المرتقبة).
وتمتاز حضرموت بأهمية إستراتيجية في اليمن من حيث الثروة والمساحة والموقع، وتعد المحافظة الواقعة في إطار ما تعرف بالمحافظات الجنوبية أكبر محافظات اليمن مساحة، وتمثل ثلث مساحة البلاد كاملة.
وتسعى مكونات رئيسية في حضرموت الغنية بالثروة النفطية وتعمل فيها عدد من الشركات النفطية -أهمها الشركة الحكومية "بترومسيلة"- إلى فرض المحافظة كطرف رئيسي في المعادلة السياسية، وسط مخاوف لديها من انفراد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات في الحصول على النصيب الأكبر من حصص ومناصب الحكومة الجديدة التي ستشكل مناصفة من المحافظات الجنوبية والشمالية.
وتأتي هذه التطورات في ظل الحراك الذي ترعاه السعودية لتقريب وجهات النظر بين الحكومة والمجلس الانتقالي -الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله- لتنفيذ اتفاق الرياض المتعثر، ووقف التوتر بين الطرفين في المحافظات الجنوبية.
ويشمل اتفاق الرياض تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيرا مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية.