في ظل الوضع الإقتصادي المتردي في البلاد وما صاحب ذلك من إنهيار للعملة الوطنية وإرتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية، لجأ الكثير من المواطنين إلى المضاربة مع شركات مجهولة الهوية غير مرخص لها نتيجة لما تقدمه من أرباح مُغرية تصل إلى 200 % وفقاً لخبراء اقتصاديين.
وانتشرت سمعه هذه الشركات المجهولة، بين المواطنين بشكل كبير أدى إلى ظهور جدل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي وأثيرت أسئلة فيما لو كانت هذه الشركات تمارس النصب على أموال المواطنين واستغلال حاجتهم.
البداية: تقول المعلومات المتوفرة أن بعض هذه الشركات لها منذ تسعة أعوام وطبيعة هذه المشاريع مجهولة بالنسبة للكثير، الذين أكتفوا بحصولهم على مردود مالي شبه شهري يسد حاجتهم دون التساؤل عن حقيقة وشرعية هذه المشاريع.
بعد أن حضيت برواج في أوساط المجتمع وأزداد عدد المساهمين، وبدأت في زيادة الأرباح لتغري الكثير من الأشخاص لبيع ما يملكون من مقتنياتهم للمساهمة في هذه الشركات، خاصة مع توقف الرواتب لشريحة الموظفين الحكوميين الذين يعيلون ثلثي المجتمع اليمني إن لم يكن بأكملة.
عند البحث عن طبيعة أحد هذه المشاريع الذي بدأ بمسمى “شركة الفضة والأقمشة” الخاصة بمواطنة تدعى بلقيس الحداد زعمت بأنها تقوم بمشاريع في مجال الفضة والأقمشة والعقارات في دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
بدأت الشركة بتشكيل فريق يتألف من تسع مندوبات رئيسيات موزعات في العاصمة صنعاء واللاتي كن مسؤولات عن شبكة من المندوبات الثانويات كان عملهن يقوم على تجميع مساهمين للشركة وإستلام قيمة الأسهم وإبرام العقود معهم ومنحهم تطمينات شفوية عبر تجارب ذاتية.
شركة بلقيس الحداد هي شركة تقوم على أساس المساهمة والقيمة الأساسية للسهم الواحد هي 115000 ريال يمني ويحصل المساهم على أرباح كل ثلاثة أشهر تم إعتمادها 300 ريال سعودي بشكل ثابت للسهم الواحد إلى جانب مبلغ مالي من العملة المحلية يتفاوت في كل مرة يتم توزيع الأرباح.
ويرى بعض المحللين الإقتصاديين أن سبب وضع المبلغ المالي غير المحدد هو إزالة أي شبهة دينية عن المشروع بإعتبار الأرباح المحددة ربا وهو محرم شرعاً، فتم دمج الأرباح بمبلغ محدد بالريال السعودي ومبلغ يمني غير ثابت .
أرباح خيالية:
وكثرت الإتهامات بأن نسبة الأرباح هذه هي أرباح خيالية وهذا يعد أهم سبب لإتهامها بأنها شركة عنقودية وهمية تقوم على أساس تجميع مساهمين وتوزيع الأرباح عبر جمع الأموال من المساهمين الجدد وتوزيعها للمساهمين القداماء وهكذا تواليها، لكن كثير من الخبراء الإقتصاديين قالوا بأن نسبة الأرباح قد تكون ممكنة إن كانت المشاريع بالفعل قائمة خارج اليمن وفي دول الخليج بالتأكيد بل أن بعضهم قال بأن هذه النسبة من الأرباح هي مجرد نسبة بسيطة من الأرباح الفعلية لملايين من الأسهم التي تم ضخها للمتاجرة.
وعوضاً عن ذلك، ما تزال شبهة أن تكون شركة عنقودية بالفعل، فقد سبق ونشأت شركات مثيله في بلدان مختلفة وأنتهت بكونها شركات إحتيال وهمية راح ضحيتها كثير من المساهمين الذين ذهبت أموالهم أدراج الرياح.
مستقبل الشركات: ليس هناك مجال للإسهاب في شرح طرق معرفة الشركات الوهمية، ولا يمكن أن نسقط تجارب المجتمعات الأخرى علينا لإختلاف ظروف المجتمعات التي نشأت فيها هذه الشركات، لكن في ظل الجدل الحاصل خلال الأيام الماضية خاصة بعد أن داهمت نيابة الأموال العامة مشروع بلقيس الحداد الذي صار تحت مسمى “قصر السلطانة” خلال الشهر المنصرم، ولكن يمكن وضع عدد من السيناريوهات لما يحدث وفق ردود الفعل لدى المساهمين الذين ما لبثوا أن علموا بحجز بلقيس الحداد حتى بدأوا بسلسلة من الإحتجاجات والوقفات التضامنية أمام مكتب النائب العام.
ويمكن تقسيم الجدل الحاصل إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: هم المساهمين الذين يخشون فقد أموالهم بعد إحتجاز بلقيس الحداد والتحفظ على جميع ممتلكاتها وأموالها وحساباتها البنكية، فبدأوا بسلسلة إنتقادات للسلطات القائمة في صنعاء بأن كل غايتهم هو سلب الأموال ومصادرتها بذريعة عدم مشروعية الشركة وعدم حصولها على أي تراخيص الذي يجعل منها شركة وهمية غايتها نهب أموال المساهمين. فوجدت نفسها هذه الفئة بين نارين ، نار السلطة الميليشيه التي لا تتوانى عن نهب الأموال من المواطنين والشركات بعد أن سطو على المال العام للدولة ، ونار أن تكون الشركة وهمية حقيقة وقد ضاعت أموالهم بمجرد توقيعهم العقود معها.
الفئة الثانية: هم الناشطين التابعين لشركة بلقيس الحداد والذي ألقوا على عاتقهم مهمة طمأنة المساهمين بأن ما يحدث هي مجرد إجراءات قانونية روتينية سرعان ما تنتهي ويستمر المشروع وكأن شيئاً لم يكن، ويرجح أن هؤلاء الناشطين في وسائل التواصل الإجتماعي هن المندوبات الرئيسيات وحاشيتهن واللات منعن من التواصل مع أي مساهم أو طمأنته على حد قولهن … حتى تنتهي هذه الإشكالية .
الفئة الثالثة : يمكن أن نسميهم “الذباب الإلكتروني الذي يحاول بث الرعب في قلوب الجميع ليدفعوا بالمساهمين لتوجيه شكاوي بالشركة والمطالبة بإستعادة أموالهم، ويرى البعض بأن هذا أكبر دليل على كون السلطات الأمنية لا تملك أي مصوغ قانوني لإحتجاز بلقيس الحداد دون أي مدعي عليها يشكو أنها قد إحتالت أو نهبت أمواله.
والذي يتبين مما سبق أن المتابع أمام شركة قد تكون حقيقية وتوارت عن الأنظار خوفاً من المتنفذين، أو أننا أمام شركة إحتيال والسلطات الحوثية بإجراءاتها المتعثره تسعى لتقاسم الكعكه معاها لا لإعادة الأموال لأصحابها.
وعلق خبير اقتصادي ومطلع على هذه الشركات لـ: يمني بوست بالقول” إن شركة بلقيس الحداد حقيقية وشغاله وتقدم أرباح منذ سنوات، مضيفاً أن حقوق المواطنين محفوظة”.
وبين هذا وذاك يجدر القول أنه ليس كل ما يلمع ذهب وأننا نعيش في عالم مادي وهناك الكثيرين يستهدفون ممارسة عمليات النصب والاحتيال دون وازع اخلاقي أو ديني.