سد مأرب، الأطول عمراً والأشهر تاريخياً، بات مهدداً بالانهيار بفعل السيول الجارفة وغير المسبوقة منذ زمن طويل.
خلال الأيام الفائتة، تصاعدت كميات المياه التي استقبلها سد مأرب شمالي شرقي اليمن، لتزيد عن المستوى الطبيعي للمرة الأولى منذ إعادة بنائه عام 1986.
السيول الجارفة، فاضت من ممرات سد مأرب باتجاه وادي عبيدة، مشكلة تهديداً خطيراً على سكان المحافظة التي تشهد قتالاً عنيفاً ومعارك متواصلة منذ خمس سنوات بين القوات الحكومية والحوثيين.
وقالت مصادر محلية بأن السد فاض من ممراته الطبيعية باتجاه منطقة حدير جان من جهة الشرق، ما تسبب في جرف وتهدم مساحات زراعية واسعة، وسط تحذيرات من وصول مياه السد لمستوى قياسي غير مسبوق مع استمرار تدفق السيول، التي تشكل خطراً على السد والسكانين بجواره.
السد آمن جداً
قال مدير سد مأرب، المهندس أحمد العريفي، في تصريحات صحفية، إن " السد آمن جداً من الناحية الفنية والاستيعابية، ويستطيع استيعاب كمية هائلة من المياه تتجاوز مئة مليون متر مكعب لكي يصل إلى المفيض من منفذه الطبيعي".
وقال العريفي في حديثه لمحافظ مأرب سلطان العرادة، بشأن مزاعم فيضان السد أو انفجاره، إن "السد صمم قبل بنائه على احتمال أن يأتيه طوفان كل 10 آلاف سنة، وهو قادر على استيعابه".
ويؤكد العريفي أن للسد" منفذ طبيعي تبدأ المياه بـالمفيض منه إلى خارجه، وبعدها نحتاج إلى 280 مليون متر مكعب من المياه زيادة استيعابية في السد لنبدأ الحديث عن الخطورة".
وفي الأسبوع الأخير تدفقت السيول إلى بحيرة سد مأرب عبر وادي ذنة قادمة من محافظات البيضاء وذمار وسط اليمن، والعاصمة صنعاء.
السيول استهدفت النازحين من مديرية صرواح كانوا يسكنون على ضفاف وادي ذنة المغذي لبحيرة السد.
والخميس الفائت، قال محافظ مأرب سلطان العرادة، عقب زيارة تفقدية للسد، أنه "آمن جداً ولا صحة لما يثار من مخاوف حول انهياره".
وتابع العرادة "اطلعنا خلال هذه الزيارة ومن الواقع على وضع السد، حيث أكد لنا المهندس الذي رافق عمليات انشائه وتشغيله منذ لحظاته الأولى والمسئول الفني عنه، والاكثر خبرة علمية وعملية بالسد وجوانبه الهندسية والفنية"، وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في الرياض وعدن.
وكانت السلطة المحلية في مأرب قد أعلنت نهاية الاسبوع الفائت، أن "السد استقبل 270 مليون متر مكعب من السيول الناتجة عن تساقط الأمطار الغزيرة على الجبال المحيطة بالسد إلا أن الكمية تزايدت بفعل استمرار هطول الأمطار ما أدى إلى فيضان السد من الممرات المخصصة لتصريف الكميات الزائدة عن قدرة السد على الاستيعاب".
وقالت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في بيان، السبت، أن ارتفاع منسوب المياه في حوض السد بمديرية صرواح غربي محافظة مأرب شمالي شرقي اليمن، أضرت بمخيمات "الصوابين، الورضة، ذنة العيال، أراك"
وأشارت الوحدة التنفيذية إلى أن عدد الأسر المتضررة في المخيمات بلغ 1340 أسرة، من بين 4871 أسرة نازحة في المديرية التي يقيم فيها النازحون في تجمعات بمنطقة حوض السد.
معجزة هندسية في الجزيرة العربية
بني سد مأرب القديم بداية الألفية الأولى قبل الميلاد، وذكر في النقوش المسندية باسم "عرمن" أي العرم، ووصف بالمعجزة الهندسية في الجزيرة العربية، ويعتبر من آثار مملكة سبأ.
السد الذي وصف بأكبر نظام للري في التاريخ القديم، ساهم في ازدهار مملكة سبأ في القرن التاسع قبل الميلاد، وتحولت أراضي مأرب إلى بساتين خضراء ذكرت في القرآن الكريم.
طوال تاريخ السد، تعرض لانهيارات عديدة، يقول بعض المؤرخون أنه انهار 5 مرات، لكن اليمنيين كانوا يعيدون بنائه من جديد.
وفي العام 1986، بني سد مأرب الجديد، بدعم من رئيس دولة الإمارات العربية الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على بُعد 3 كيلومترات من مكان السد القديم عند خط عرض 15.30 درجة شمالا وخط طول 45.30 شرقا.
مساحة بحيرة السد الجديد تبلغ 30 كيلومترا مربعا ويتسع لـ 400 مليون متر مكعب من الماء، فيما تعمل بوابة التصريف الخاصة به بطاقة قدرها 35 مترا مكعبا في الثانية وذلك لزوم ري حوالي 16 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.
يبلغ عمق الجسم الخرساني لهذا السد 60 مترا ومساحته 24 ألف متر مربع وطوله 763 مترا وعرضه عند مستوى سطح الوادي 337 مترا، وعند مخرج المياه من بوابة التصريف 195 مترا.
وبلغ إجمالي حجم الردميات في جسم السد 3 ملايين متر مكعب، وتمت إزالة 200 ألف متر مكعب من الصخور من جانبي الموقع، وتغطية جسم السد بصخور بلغ حجمها 100ألف متر مكعب، وشارك في إنشائه حوالي 400 مهندس واستشاري وعامل وفني وإداري وغيرهم.
إقرأ أيضاً ؛ إبتكار نسيج جديد يضمن تبريد الجسم من دون مكيف .. فيديو