حرب أميركية - صينية... على هامش مواجهة كورونا

على الرغم من الأولوية التي يمنحها العالم لمكافحة وباء كورونا، وفي ظل محاولات تنسيق الجهود في مواجهة الوباء العالمي، لا تكف القوتان العظميان، الولايات المتحدة الأميركية والصين، عن تصعيد المواجهة بينهما.

فبعدما تبنى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، صيغة "الفيروس الصيني" ليصف كورونا المستجد، مؤكداً أنه "جاء من الصين وأعتقد أنها صيغة دقيقة جداً"، أمهلت بكين المراسلين الأميركيين لصحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست وول ستريت جورنال، حتى الأربعاء 18 مارس (آذار)، لتسليم بطاقاتهم الصحافية. ما يعني طردهم.

وذكر "نادي المراسلين الأجانب في الصين" أن هذا الإجراء شمل 13 مراسلاً على الأقل.

وكان ثلاثة مراسلين لصحيفة وول ستريت جورنال طردوا في نهاية فبراير (شباط). لكن سلسلة العقوبات الجديدة تشكل بحجمها، الإجراء الأكثر صرامة الذي تتخذه السلطات الصينية ضد وسائل الإعلام الأجنبية.

وذكرت الخارجية الصينية أن هذه الإجراءات هي رد على قرار واشنطن "الفاضح" بتخفيض كبير في عدد الصينيين الذين يسمح لهم بالعمل لخمس وسائل إعلام لبكين في الولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو معترضاً إن "الأمرين مختلفان"، مؤكداً أن إجراءات واشنطن تستهدف "أعضاء وسائل للدعاية الإعلامية الصينية". ودعا الصين إلى "التراجع" عن قرارات الطرد التي "تمنع العالم من معرفة ما يحدث فعلياً داخل البلاد".

وأسف "نادي المراسلين الأجانب في الصين"، في بيان، لأن صحافيين أصبحوا في وضع "بيادق" في المواجهة بين القوتين الكبريين. وقال إن "الصحافيين يقومون بتنوير العالم الذي نعيش فيه، وبهذا الإجراء تفرض الصين التعتيم على نفسها".

ورأى عدد من البرلمانيين الأميركيين وصحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز أن الإعلان الصيني "مؤسف خصوصاً في أوج أزمة صحية عالمية تبدو فيها المعلومات مهمة أكثر من أي وقت مضى". ووصفت صحيفة وول ستريت جورنال الإجراءات الصينية بأنها هجوم "غير مسبوق" على حرية 

ويستخدم وزير الخارجية الأميركي منذ أيام عبارة "فيروس صيني" أو "فيروس آتٍ من ووهان"، المدينة التي ظهر فيها المرض للمرة الأولى.

وكررها مساء الاثنين الرئيس الأميركي في تغريدة، ما أدى إلى تأجيج غضب بكين. وعبّر ناطق باسم وزارة الخارجية الصينية عن الشعور "باستياء كبير"، معتبراً ذلك "إدانة" لبلده.

 

وتدعو بكين إلى عدم توجيه أصابع الاتهام إليها من دون نتائج علمية حاسمة في شأن منشأ الفيروس الذي رصد للمرة الأولى في ووهان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقد ذهب ناطق باسم الخارجية الصينية أبعد من ذلك الأسبوع الماضي عندما تحدث من دون أدلة عملية عن فرضية أن يكون الجيش الأميركي أدخل العامل المسبب للمرض إلى بلده.

ورد ترمب "لا أقدّر قول الصين أن جيشنا نقل لهم الفيروس. جيشنا لم ينقل الفيروس إلى أحد". وأوضح الرئيس الأميركي الذي بدا غاضباً أنه يستخدم عبارة "فيروس صيني" رداً على هذه الاتهامات

تؤجج هذه الحرب الخلافات الدبلوماسية المتكررة منذ وصول ترمب إلى السلطة مطلع 2017.

وعندما بدأ الوباء ينتشر خارج الصين، راوحت مواقف الحكومة الأميركية بين إدانة غياب الشفافية لدى الجانب الصيني في البداية، والتعبير عن "ثقة" الرئيس الأميركي في نظيره الصيني شي جينبينغ.

لكن منع الولايات المتحدة بسرعة الأشخاص القادمين من الصين من دخول أراضيها أثار غضب بكين.

والرسالة من الجانب الأميركي واضحة ومفادها أن مكافحة الوباء لا تُنهي المنافسة مع الدولة الآسيوية العملاقة التي تعتبرها الولايات المتحدة خصمها الاستراتيجي الأول على الأمد الطويل.

وانتهز بومبيو الأسبوع الماضي فرصة عرض التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية في شأن حقوق الإنسان ليدين السياسة الصينية في إقليم شينجيانغ بشمال غربي الصين، حيث يحتجز مئات الآلاف من المسلمين على ما يبدو باسم مكافحة الإرهاب.

وتخوض إدارة ترمب مواجهات على جبهات أخرى ضد الصين، من الدفاع عن الديموقراطية في هونغ كونغ إلى إدانة نزعتها التوسعية العسكرية في بحر الصين الجنوبي، مروراً بالاتهامات بتجسس صناعي.

لكن ترمب أكد أن الاتفاق التجاري الذي اتخذ شكل هدنة في حرب الرسوم الجمركية وأبرم بعد أشهر من المفاوضات لن يتأثر بالخلافات الجديدة المرتبطة بفيروس كورونا المستجد.