أكثر من شهرين كاملين مرّا على الموعد المفترض لتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، المنبثقة عن اتفاق الرياض الموقع بين مكونات الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، غير أنها لم تر النور بعد، بفعل تحديات وصعوبات تواجه هذا المشروع وتمنعه من الخروج لتوحيد القوى المناهضة لجماعة الحوثي، والمدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
مصادر سياسية يمنية أرجعت تعثر تشكيل الحكومة إلى خلاف شديد بين الحكومة الشرعية والانتقالي حول توزيع الحقائب الوزارية، إضافة إلى تنفيذ بقية بنود اتفاق الرياض المصاحبة للتشكيل الحكومي.
إقرأ أيضاً ؛
بشرى سارة إنفراجه قريبه بالمشتقات النفطيه
تقدم جديد للجيش.. قائد عسكري كبير يكشف عن تطورات طارئة في جبهة " شرق صنعاء "
حطمت رقم بوغاتي.. هذه مميزات أسرع سيارة في العالم
الإدارة الذاتية
وعلى الرغم من أن التشكيل الحكومي بموجب الاتفاق مرهون بالإلغاء العملي للإدارة الذاتية للانتقالي الجنوبي، وهو ما أعلنه المجلس من جهته، إلا أن المصادر أكدت أن هذا الإعلان يترتب عليه إنهاء سيطرته العسكرية على العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات المجاورة لها، والخروج منها لإتاحة المجال أمام الحكومة الشرعية لممارسة مهماتها بعيداً من النفوذ العسكري للانتقالي.
ولفتت المصادر ذاتها إلى أن "الخلاف القائم حالياً بين الحكومة الشرعية والانتقالي يدور حول الجانب العسكري في بنود اتفاق الرياض، والذي يقضي بانسحاب القوات العسكرية من العاصمة المؤقتة عدن إلى محافظات أخرى، وهو ما يرفض الانتقالي تنفيذه".
وأكدت مصادر عسكرية مقربة من الشرعية أنه "لن يتم تشكيل أي حكومة حتى يتم تنفيذ الشق العسكري الذي يتمثل في نزع سلاح القوات الموالية للمجلس الانتقالي، وإخراجها من عدن ودمجها مع الجيش، وإعادة تموضعها على الجبهات".
وكانت السعودية أعلنت في 29 يوليو (تموز) الماضي آلية جديدة لتسريع العمل بتنفيذ "اتفاق الرياض" الذي ترعاه بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي. وأعلن المجلس، المدعوم إماراتياً، بُعيد إعلان الآلية، تراجعه عن قرار "الإدارة الذاتية" للمحافظات الجنوبية والعاصمة اليمنية المؤقتة عدن.
وأصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قرارين بتعيين محافظ ومدير أمن لمحافظة عدن، إذ تم تعيين القيادي في المجلس الانتقالي أحمد حامد لملس محافظاً لعدن، وتعيين مدير شرطة محافظة حضرموت المحسوب على الشرعية مديراً لشرطة عدن.
ملفات معقدة
في السياق، رأى الصحافي نجيب غلاب أن "تشكيل الحكومة تأخر كثيراً على الرغم من أن هناك ملفات معقدة في ما يخص الجانب العسكري والأمني، وتحتاج وقتاً لتفكيكها، وهذا الملف يثير إشكالات كثيرة تجاه ما يخص التحول الذي أسس له اتفاق الرياض"، مؤكداً أن "هذه المنظومة لديها تركيبة القوة بأبعادها المختلفة، فاتفاق الرياض يسعى إلى بناء توازن يمكّن الأطراف من التركيز على أهداف المعركة، إلا أن هذه الأطراف تدير صراعاً على بناء القوة والنفوذ، من دون التركيز على المأسسة وتفعيل المؤسسات وبنائها وتمكينها من القيام بوظائفها".
واعتبر "الحديث عن الخلل الذي حدث أثناء السنوات الخمس في إدارة المعركة وتوظيف الحراك في بنيتها لبناء مصالح وأحزاب ومراكز قوى، يضع تلك المصالح عند حصول تغيير لإعادة البناء، أمام مراجعة ومحاسبة ورقابة، لملاحقة ثقوب الفساد الخطيرة والقاتلة". وشدد غلاب على "ضرورة فهم صراعات الماضي وتراكماتها، إذ انها غائرة في الوعي وتولّد تناقضات بين الأطراف تدفعها إلى توليد خصومات تعوق التنفيذ". وقال "من المهم الحديث عن مخططات استمرار الفوضى المستدامة في اليمن، فهناك طابور خامس يدير حرباً منظمة وممنهجة تعوق التصحيح وأي إصلاحات لتجاوز الأخطاء، ويسعى إلى تفجير صراعات هدفها استنزاف التحالف وإيصال الشرعية والانتقالي إلى قاع البرميل. وهذا المسار الخطير ونادراً ما يتم التركيز عليه، وهو أصل المشكلة في الملف اليمني، قبل انقلاب الحوثي وبعده".
وأشار غلاب إلى أن "الرابح الأول من هذه المعوقات هم أعداء اليمن وفي مقدمهم إيران وذراعها ووكيلها الحوثي، وكذلك مَن يريدون اليمن مركزاً دائماً لاستنزاف السعودية، وجعله ثقباً للفوضى والإرهاب، وإنهاك أمن الخليج والعرب عموماً، وهم كثر، إضافة إلى قطر، أبرز أدوات هذا المسار". وأضاف "لا ننسى مراكز القوى الفاسدة وأمراء الحرب والثقوب الفاسدة التي تديرها مافيا مركبة، يتداخل فيها السياسي مع اللصوص ومحترفي اقتناص الفرص، أياً كانت النتائج على اليمن وأمن جيرانه". وأكد أن "المشكلة ليست تشكيل الحكومة، وإن كان هذا الأمر مركزياً في طريق التنفيذ، وإنما في كيفية تنفيذ اتفاق الرياض ضمن بنية متماسكة ومتكاملة، فهذا الأمر هو بداية تغيير فعلي وتحول جذري باتجاه تحقيق أهداف المعركة، وفي مقدمها بناء الدولة كمرحلة أولى".
التعايش رغم الاختلاف
من جهة أخرى، صرح المستشار الإعلامي لنائب وزير الداخلية عبدالعالم الحميدي، أن "الذي استطاع جمع الأطراف على طاولة واحدة بعدما كانت تتناحر في الخنادق، قادر على إلزامها بتنفيذ كل بنود اتفاق الرياض، غير أنه لا توجد أي رغبة جادة للخروج من الوضع الحالي"، مضيفاً أن "التحالف استطاع جمع قوى عدة لها توجهات وأهداف مختلفة تحت راية واحدة في الساحل الغربي، بحيث تجتمع ألوية العمالقة والمقاومة التهامية وحراس الجمهورية، وجميعها لا تلتقي عند هدف غير ما جمعها عليه التحالف، والمتمثل في قتال جماعة الحوثي واستعادة الدولة المختطفة".
وزاد الحميدي "ليس ضرورياً أن تلتقي الأطراف اليمنية على الهدف والرؤية من أجل تشكيل حكومة، إلا إذا كان التعايش في ما بينها ممكناً".