لا يرغب بة البشر ويفرون منة لكنة يعتبر خط الدفاع الأول للبشرية ضد كورونا

قبل 4 سنة | الأخبار | منوعات

من بين الدروس العديدة المستفادة من انتشار فيروس "كورونا المستجد"، إدراكنا نحن البشر لمسألة انكشافنا الكبير على أعضاء مملكة الحيوان. ذلك أن أجسادنا باتت مشرعة لاستضافة الأمراض المستوطنة في الحيوانات، فيما ازداد اعتمادنا عليها في المختبرات لمعرفة كيفية مقاومة الأمراض التي استضفنا من لدنها. ومع تكثيف عمليات البحث عن العلاجات واللقاحات، أصبحت الحيوانات عنصرا رئيساً في جبهات حربنا ضد كورونا. وما بين استضافة أجسادنا للفيروسات، ورحلة بحثنا المضنية عن مضاداتها، تقف حيوانات مختلفة اليوم على طرفي نقيض مع تفشي جائحة "كورونا المستجد". وإذا كان من شبه المؤكد أن "كورونا المستجد" بدأ بفيروس يحمله خفاش قبل أن يتحوّر داخل حيوان آخر (هو البنغول على الأرجح) خلال مسيرته المميتة نحو أجسامنا، فإن المؤكد أن الحيوانات التي سيعتمد عليها العلماء في اختباراتهم وتجاربهم المضادة ستكون الفئران بالدرجة الأولى. ومع تكثّف الجهود لإيجاد ترياق يقينا شرور "كورونا المستجد"، تتسابق المختبرات العلمية حول العالم للحصول على فئران "مهندسة وراثيا" تكون "مصممة" للعدوى بفيروس "كورونا المستجد". ذلك أن أعضاء الفئران تمتلك وظائف مشابهة نسبياً لوظائف الأعضاء البشرية، لذلك تكون ردود أفعالها تجاه العقاقير مشابهة لمثيلتها لدى الإنسان

عتاد الباحثون شراء فئران التجارب عبر شبكة الإنترنت. لكن ديفيد ماسوبست، الأستاذ المتخصص في علم المناعة، اختار طريقا أكثر صعوبة للحصول على هذه الحيوانات، لإجراء أبحاثه. فقد قاد سيارته متجها نحو حظيرة نائية تقع على بُعد كيلومترات عدة ونصب الشراك واصطاد تلك القوارض بنفسه. إذ كانت تراوده شكوك مفادها أن فئران التجارب التي تُباع في المتاجر وعلى شبكة الإنترنت تفتقر إلى بعض الخلايا المناعية الرئيسة، وأن أجهزة المناعة الخاصة بها "عديمة الخبرة" تجاه الفيروسات نتيجة إكثارها في منشآت نظيفة وصحية للغاية. وقد أجرى ماسوبست تجارب رسمية للتأكد من شكوكه على مدار عقد من الزمن، إلى أن اكتشف أنه كان على حق؛ ففئران التجارب التي كان يستخدمها المجتمع العلمي وشركات الأدوية العالمية لاختبار العقاقير واللقاحات المستخدَمة في علاج الأمراض التي تصيب البشر، ما هي إلا نماذج ضعيفة للجهاز المناعي في جسم الإنسان البالغ.

واكتشف ماسوبست وزملاؤه، أن الجهاز المناعي للفئران التي تُربى في المنشآت الخالية من الجراثيم، أقرب إلى الجهاز المناعي للأطفال منه إلى البالغين. فعلى سبيل المثال، لم يعثر فريق ماسوبست على "الخلايا التائية" التي تعد المستجيب الأول في حالة التعرض لعدوى لدى فئران التجارب "النظيفة"، لكنها كانت شديدة الوضوح لدى فئران "الحظيرة". والأهم من هذا وذاك، أنه عندما وضع الباحثون فئران تجارب "نظيفة" مع الفئران "الحظيرة"، نفق زهاء خُمْس المجموع جراء العدوى خلال أشهر قليلة، بينما طوّرت الفئران التي نجت أجساما مناعية أقوى، وتحول النشاط الجيني في خلاياها المناعية ليشبه ذلك الموجود لدى إنسان بالغ. وقد ساعدت دراسة ماسوبست كثيراً في تفسير أسباب الفشل الذريع لبعض العلاجات التي تُختبر على الفئران لدى تطبيقها على البشر.