سئمنا ياهراوات الثورة والحرب!

وائل جميل
الثلاثاء ، ٠٣ مارس ٢٠٢٠ الساعة ٠٩:٥٢ مساءً
مشاركة

سئمنا ياهراوات الثورة والحرب!

ماذا يعني هذا التكريم يا توكل كرمان؟ وماذا يعني ذلك في لحظة حرجة تحتشد فيها أغلب مناطق الحجرية إحتجاجاً وغضباً.. وينتظر فيها الشعب، ومدينة تعز بأكملها نتائج التحقيقات المتعلقة عن أغتيال العميد "عدنان الحمادي" ليتم عمل حفل تكريم للفنان اليمني "أيوب طارش" وسط ترويج إعلامي بهذا القدر؟.. وفي تركيا؟ سبقها إعلان معسكر موازي جديد بقيادة المخلافي وفي جغرافيا واحدة.. في أرض الحجرية!

محاولات ممنهجة متتالية، لإبعاد الأنظار عما يحدث، إتجاة القضية الجوهرية التي يود الجميع معرفتها!

أيوب هامة.. ليس هناك خلاف في ذلك.. والمسالة ليست متعلقة لماذا تم تكريمه.. بل لماذا من توكل؟.. من شخصية مثيرة للجدل! وما سر هذا الدور؟ ولماذا الان؟ ما الذي يهدف له مُهرجي ما خلف الكواليس؟ ما هو المردود من وراء ذلك؟ طريقة تكشف وجوه القتلة.. حيلة لتميع الجريمة التي أُرتكبت بحق هامة عسكرية وطنية كالحمادي.. تذكرني بحيل الاخوان الكثيرة والمنهزمة التي لا تنتهي، ولطالما تفننوا بممارستها... منها.. وليس بالبعيد.. عند إنطلاق مسيرة الحياة من ساحة الحرية، كانت قد أُستخدمت سابقاً كل الوسائل الممنهجة من تحريض وفرز وتسيس لمنع تحركها.. وإفشالها. وكشاهد عيان كنت أنا مع مجموعة من شباب الثورة.. قام " بليغ التميمي " القيادي في حزب الاصلاح.. بأخذ المكرفونات والمكبرات الصوتية من الساحة، ووضعها في دباب، والتحرك مع حشد كبير مع قيادة وشباب تابعين لهم.. لإحياء مهرجان داخل "المعافر" لتكريم أسر الشهداء! إحدى الضربات الكبرى التي تلقتها الثورة.. كما وصفها الثوار حينها. لنتفاجىء لاحقاً فور الوصول الى ساحة التغير في صنعاء.. بتصريحات عبر وسائل الإعلام التابعة لهم.. تُدلي بتزعمهم وبدعمهم لها، وناطقين ب إسمها على منصتها أمام الحشد الهائل المتواجد : اللعنة.. إنه بليغ .. هو هو نفسه.. اللعنة.. هم أنفسهم من حاربوا المسيرة منذ البداية! يقولها شباباً عرايا، بصوت عالٍ.. حفاة بأقدام مفطرة ومدماة بجروح طافحة ومؤلمة للوجدان والذاكرة! مشاهد ساخطة وموجعة معا، لاتُنسى طيلة ما حييت. - - هييييي.. " هذا هو أسلوبكم " قالها أحدهم بمرارة.. وهو يدير لهم ضهره العاري المتجمد.. يغادر ببطء.. مترنحاً بحرقة لا تتوقف.. يتوكا على أكتاف زملائه المتكئون على أكتاف الثورة المترنحة بفعل الحيل المنهزمة والكاذبة.. وستظل أقدامه تلك مع اقدام العديد، تلاحقهم أينما ذهبوا، وستطاردهم حتى في منامهم، حتى في أحلام أطفالهم.. وسيأخذن بحقهن، دون التفريط بسنت واحد. بقع الدم تلك على الإزفلت، توحي بذلك!

هذا هو أسلوبهم.. المكر والخداع في تميع القضايا.. وركب الموجات.. والسير فوق دماء الشهداء والمتاجرة بدمائهم في المنظمات والمحافل الدولية.. ليعود إليهم بالنفع، وتنمية مشاريهم الخاصة.. البعيدة عن القضية.. بالتشدق والتغني بأسم الوطن.. جماعة ليس لهم إرث وطني.. ولا تاريخ يخلدهم.. ولا يمتلكون شخصية وطنية جامعة بين الجماهير.. وبغض النظر عن الإختلاف.. يعملون بجهد بالغ على إقناع الشعب بها.. في عودة كهذه، تستحضرني عبارة لهيكل، دونها في إحدى مقالاته التي تكشف تاريخ هذه الجماعة : " إنهم يصرون على المحاولة، ودائما ما تخذلهم وسائلهم " حسناً.. لنعد الى الجوهر.. منذ متى وهم يهتمون بشأن هذه القيادات الوطنية.. وهم كانوا في الماضي.. ينكلون بها، ويتعطشون على تصفيتها داخل مباني "الأمن الوطني" فترة تقاسمهم و تشاركهم مع نظام صالح. لا إفتراء في ذلك الأصفاد تشهد.. والزنازين تشهد.. والتاريخ لا ينسى سفاحيه ابداً.. فمن هم أزلام الوصاية يا أيوب؟

كان نادراً ما تُفتح أغاني الفنان أيوب طارش الوطنية، على منصات ساحاتها.. عدا في المسيرات التي لم تكن أهدافها تمثلهم، ولطالما سعت سياستهم على تلميع وتصعيد شخصيات بدائل ممتثلة بأكثر ولاء وطاعة، فلما كل هذا التشدق اللعين الان؟ لا أستطيع أن أنتزع من مخيلتي تلك الاصوات الجديدة التي كانت تصدح في أرجاء الساحات... أناشيد "بلال الاغبري" في ساحة الحرية و أناشيد "الأضرعي" في ساحة التغير، مع أناشيد فرق أخرى كانت تابعة لجماعة حزب الاصلاح.. والتي ظهرت بأكثر بروز حينها لسيطرتهم بإستماته على منصات الثورة وإعلامها، وصراعهم المستمر على فرض مشروعهم المكتمل بكل شيء.. من طاقم إعلامي أكثر تروجي.. وطاقم تنظيمي أكثر إداري.. لتقديم البرامج والفقرات، كما لو اننا في معاهدهم الدينية الصيفية.. وتسيس "الزخم الثوري" آنذاك.. تماماً بما يخدمهم.. مع طاقم أمني أكثر عدداً.. وأشد عنجهة تحت ذريعة توفير الأمان والحماية - حماية!! تعمل على تأديب الثوار داخل الساحات، وإقتيادهم الى أماكن مجهولة في ساعات متاخرة من الليل.. ومحاربة كل التنوع الذي كان موجود ويوشك أن يكون راسخ في الأذهان والأعماق نحو الوعي والتغير.. نحو محاربة كل شيء لا يتوائم معهم، مع سياستهم الأكثر سلطوية من سلطوية السلطة القائمة حينها، المتشابهة والمتوافقة معاً في آن واحد! لا زلت أتذكر أيضاً تلك المهاترات التي كانت تحدث وتنشب مراراً بين ثواراً جامحون بحماس الثورة وبين مليشيا لا تعرف شيئا عن ماهي الثورة.

- هراوات تحكم المنصة.. فيما يُراد فتحه.. فيما يُراد قوله.. فيما يُراد سماعه.. فور وصول المسيرة بعد كل ضربة تتعرض لها في الشوارع والأزقة.. وفقدت أنبل شبابها، شباباً يعجزن أن ينجبن أمهات المدن أخرين كأمثالهم.. وتنجبهم سوى الثورة!

- هراوات تحكم الثورة.. حتى على مستوى الشارات، منها "الربطة الحمراء" قاتمة بضباب أسود، تستعر بأعينهم الجحيم.. والتي كانت ولا زالت تُرمز للحرية.. ولدماء جماجم الثوار التي سقطت في سبيلها.

- هراوات تحكم الهتافات.. التي كانت تعلوا.. والقصائد التي كانت تُنشد.. والأغاني التي كانت تؤلف.. وكل الأشياء التي أنجبها الحماس الثوري في الفترة الاولى من بدء الثورة.. أصبحت مُحاربة من قبلهم، وبتكريس البديل المقيت.. ليصبح لاحقاً.. كل شيء بعيداً عن المسار ومفرغاً من العمل الثوري والانتماء الحقيقي لدم الشهيد الأول " مازن البذيجي ".. للمدن وللقرى ولتضحياتها..لحلم الثورة.. ولفبراير الريفي..

إلى متى سيظل هذا الزيف، وتميع القضايا الجوهرية، وركوب الموجات.. يلازمكم؟ ياهراوات الثورة والحرب!