في أبجدية الحرب ضد الافتراس الحوثي للمجتمع، كانت الحديدة متأخرة في نفض غبار الخضوع، ليس رغبة منها في ذلك، وإنما لم تكن العوامل قد اكتملت ونضجت، لكنها اليوم هي الوحيدة في مناطق الشمال التي تتقدم في المعركة، وتمنحها عنواناً بارزاً في القدرة على سحق الميليشيا وكسر زحوفاتها، وتعطي حقها في واحدية الهدف والمصير. من يتقدم اليوم في المعركة هو من يكتب النهايات، وخاتمة البدايات التي انطلقت من صعدة، وها هي الحديدة تكتب بداية جديدة لنهاية حتمية لمليشيا الحوثي، ورغم الصعوبة في تلك البداية والعوائق التي تم بناؤها خارج الحدود، ووصلت إلى ميناء المدينة قادمة من استوكهولم، ولذلك يعتبر الحسم في الميدان هي القدرة الحتمية، ينقصها قليل من حياء شرعية من سكنوا فنادق الرياض لإعلان وفاة ما تم الاتفاق عليه في السويد. تحمل الحديدة كجبهة مقاومة ضد أفظع وأقبح الجماعات الدينية في العالم، لوحة وطنية بُنيت من قمم الجبال والوديان والسهول والسواحل، كل مقاوم فيها جاء من منطقة مختلفة، يحمل ثقافته ولهجته وعاداته، ويحمل بندقيته من أجل هدف واحد، وعدو واحد. تسير المعركة في اتجاه صحيح، تمتلك من القوة والصلابة ما يجعلها أن تستمر دون توقف، هذه القوة يعززها التنوع في القيادة للقوات المشتركة، من حيث الأيديولوجيا والثقافة والآراء، يجمعها إطار محدد وهدف واحد، تسعى كل القيادة إلى تحقيقه، وهو تحرير الحديدة على طريق تحرير صنعاء. عندما يكون القتال هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق السلام فإن معركة تحرير الحديدة هي الطريقة الوحيدة الأكثر إيلاماً على عملاء طهران لكسرهم، وتحقيق رغبة المجتمع في دحرهم وإنهاء حالة السيطرة على صنعاء وصعدة، وتحقيق السلام وإعادة الحياة إلى قلوب الناس. على أبواب الحديدة زوبعة المعارك ولهيبها، تُسقى النخيل من دماء الشهداء، وترتوي التربة من ينبوع التضحية، تذهب كل لحظات الدنيا وتحضر لحظة الفداء تغطي السماء لونها القاني، هذا التفاني هو من يصنع النصر في الساحل لتبتسم صنعاء تلهفاً.