اليمن الغريب العجيب

د. علي مهيوب العسلي
الجمعة ، ١٦ اكتوبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٨:٢٤ مساءً
مشاركة

في هذا اليوم الخميس يوم انتفاضة الــ 15 أكتوبر في عام 1978 والتي غيب فيها المئات من اليمنين بالإعدامات والسجن، ولا يزال الكثير منهم مخفيين قسرياً لحد اللحظة، فإننا بحق تضحيات تلك الكوكبة الناصرية في هذا اليوم نناشد المبعوث الأممي أن يضم اولئك الرجال في ملف الأسرى والمخفيين والتحقق مما جرى لهم، وكشف ملابسات إعدام البعض والتحقق من أماكن دفناهم، وكذلك من اعتقل واخفي، نطالب المبعوث بمناسبة أول نجاح له في تنفيذ اتفاق تبادل للأسرى رعاه هو، فإننا نشيد بهذا النجاح، حيث تحقق في هذا اليوم أكبر تبادل للأسرى بين الحوثين والحكومة الشرعية برعاية السيد مارتن جريفيث ، نبارك هذا التبادل وندعو بإطلاق كافة المعتقلين والمخفيين منذ 1978 ولغاية اليوم، ونتمنى أن تتوقف الحرب وأن يتعهد المتقاتلون بعدم اعتقال الناس بغرض مقايضتهم إلا إذا كانوا اسري حرب و من الجبهات، والذي نتمناه من كل قلوبنا أن تنتهي الحرب الآن، وليس غدا.. نرجو ألا نعيش في اليمن الغريب العجيب في حلقة مفرغة.. اقتتال.. اعتقال.. تفاوض.. اتفاق.. إطلاق الأسرى.. اقتتال.. اعتقال.. تفاوض.. اتفاق.. إطلاق اسري.. و هكذا.. كانت هذه التوطئة ضرورية بمناسبة تنفيذ عملية كبرى لتبادل الأسرى منذ انطلاق الحرب في لليمن.. نعود لموضوعنا.. ونستمر بسرد "الأشياء" الغريبة والعجيبة والمتناقضة في الأقوال والأفعال التي تحدث في بلدنا الحبيب اليمن.. في اليمن لا "غيرها" وكما هو آت: _ • في اليمن لا غيرها.. هناك حكومة تعيش بالمنفى ست سنوات الا القليل منها في اليمن ، والغريب أن النفي لها فروض من قوى تدعي أنها مع التحالف ضد الانقلابين "التابع لإيران"، وهذا النفي لبى هوى بعض الوزراء بالبقاء خارج اليمن، فلو كانوا جادين للعمل من اليمن لرجعوا إلى مناطق لا تخضع لقوات الانتقالي ،والصحيح أن قوات الانتقالي تعمل ليل نهار على إعاقة الشرعية من أداء مهامها، فكيف يستقيم الأمر..؟؛عادي.. انت في اليمن...!؛ وفي اليمن لا غيرها.. الحكومة المنفية تتحول بفعل ضغط من أنفاها إلى حكومة تصريف أعمال بانتظار تشكيل الحكومة المتفق عليها في الرياض والتي لم يعلن عنها بعد انتهاء كل المدد والتمديدات والتسريعات، وهي في الواقع لا تمارس مهامها على أكمل وجه ؛ لا مهام اعتيادية، ولا حتى مهام تصريف أعمال، بسبب طبعا تواجدها في الخارج، حيث كما قلنا اغلب وزرائها متشبثين بالبقاء في الخارج..!؛ ومن منفاها لا تستطيع تقديم الخدمات الأساسية الواجب عليها تجاه مواطنيها.. !؛  • الحكومة الشرعية هي شرعية لا شك في ذلك، والمفروض أنها تمثل اليمن واليمنين ، لكن.. كيف تسمح بالتجاوزات والخروقات للسيادة، ولمهام سلطاتها، ولانتهاك حقوق الانسان اليمني ، ولا تحتج أو تعترض ،أو تصدر بيان يوضح الموقف مما يجرى؟؛ إن كان ما يتداول مجرد اتهامات وتخرصات..!!؛ ولماذا يسمح لدولة في التحالف بداً عن بقية الدول "؟! من قبل الشرعية ومن قبل دول التحالف الأخرى" أن تعبث باليمن وبالمقدرات، وتناصب العداء للسلطة الشرعية، ولا تقيم لها احتراما، ولماذا يسمح لها بانتهاك أهداف التحالف المعلنة في مسألة التدخل..؟!؛أسئلة تحتاج للإجابة من الشرعية ومن المملكة العربية السعودية باعتبارها قائدة التحالف العربي.. ؟؟؛ فمن غير المعقول أبداً أن تتحمل السلطة الشرعية الأذى والاذية ولا تتكلم..!؛ تتحمل وتسكت عن قصف الجيش الوطني _والذي أوقع مئات من القتلى والجرحى_ ولا تحتج..!؛ ولا يزال الحيش مهدد و في أي لحظة..!؛ وتتحمل ايضا منع فخامة الرئيس وحكومته وباقي المؤسسات من العودة للعاصمة عدن..!!؛ وتتحمل منع الطائرات اليمنية من المبيت في مرابضها بالمطارات اليمنية..!؛ وتتحمل تعطيل الموانئ والمطارات وإيقاف تصدير البترول والغاز _ ليعيش اليمنين عالة عليها، وعلى غيرها ثم تسمع منهم ومن غيرهم مٌنْ بلا حدود _.. !؛ وتتحمل العبث بسقطرى، وما يقال عن انشاء قواعد عسكرية مشبوهة دون علم السلطة الشرعية ..!؛أو لنقول رغما عنها ..!؛ ولا تصرخ بموقف رسمي صريح وواضح يحدد العلاقة مع تلك الدولة المعروفة للجميع ، إلا ما ندر من بعض المسؤولين وعلى استحياء..؟؟!!؛ الشعب بصراحة يطالب الشرعية بمصارحته ومكاشفته بتصرف تلك الدولة الغريب والمستهجن.!؛ ويتبعه إعلان الموقف المناسب والذي لم يحصل بعد..!؛ ويلحظ أنه كلما ارتفع صوت الشعب بمطالبة شرعيته بالإيضاح ، ترى الشرعية تصمت وتغيب عن الأنظار ولا تحكي وربما لن تحكي ..!؛ فكيف سيحافظ الشعب على شرعية الشرعية إذا كانت هي من تفرط بشرعيتها وتتنازل عن مهامها الدستورية للأخرين..!؛ والغريب العجيب أن التحالف بمجموعه ربما يستجيب لتلك الدولة الشاذة عن أهداف التحالف! فلا يسمح للسلطة الشرعية بالعودة إلى الأرض التي قيل أنها قد حُررت، لماذا يا تحالف..؟؟! ...؟ هل لأن الذي حصل يحصل في اليمن..؟!؛ وهل هي مختلفة عن باقي العالم أم ماذا...؟!؛ • في اليمن الحكومة الشرعية أعلنت نقل البنك المركزي لعدن وهذا من حقها ؛ لكنها "انتقائية" فقد تركت باقي المؤسسات الايرادية تعمل بصنعاء، وبعد نقل البنك أعلنت أنها ستدفع الرواتب وتعهدت بذلك..؟؛ وهذا شيء طبيعي ومفهوم، كونها شرعية، لكن بعد النقل تخلت أو عجزت عن دفع رواتب موظفي الدولة، الغريب أن الأمم المتحدة وغريفيث تحديداً أبقى "خزق" الحديدة مفتوح للحوثي بموانيها المعروفة عبر اتفاق ستوكهولم ،أبقاه شريان لتغطية نفقات الحوثة واستمرارهم في الحياة، أبقاه "ايراد" للحوثين لتمويل مجهودهم الحربي، ولدفع انصاف رواتب لبعض الموظفين ومشرفيهم، كلما خزّنت قيادة الحوثة بـــ" قات صعدي" أو "ضلاعي"، وجهت بدفع نصف راتب.. غير أن الشرعية لا تزال شرعية وبدون دفع رواتب الغالبية العظمى من الموظفين، والتي بهم تتشرعن أية سلطة..؟!؛ في اليمن لا غيرها.. يوجد تضخم وظيفي وفقر مدقع بآن، والسبب الرئيس هو عدم دفع الرواتب ،فهناك في اليمن لا غيره حكومات "شرعية وامر واقع" وسلطات محلية كأنها حكومات تمنع وتصدر وتوقف وتعطل؛ وهناك جيش من النواب والوكلاء للوزراء والمحافظين؛ وهناك مجلس نواب بميزانيتين، ومجلس شورى بميزانيتين ،وسفراء ودبلوماسيون بلا حساب ،وجيش والوية عسكرية فيه مئات الألاف من الوهمين وأخرين أصبحوا قوة فاعلة على الأرض في انتظار ضمهم بالقوة او بالتفاوض ..لذلك فعجز الموازنة يفوق الخيال؛ والاستثمار بالبلد بالسالب، والانفاق اكثر من 90%، ولا دفع رواتب ولا تقديم خدمات، وتأخير دفع مستحقات طلاب ،وترى وجود اختلاف في صرف العملات بين مناطق اليمن وكأنك بنظامين مصرفين لدولتين أو ثلاث ،كل هذا موجود في بلد فقير معدم يعتمد على الاحتياطات المودعة من قبل المملكة العربية السعودية التي كثير منا يناصبها العداء بالحق او بالباطل..!؛ • أخيراً وليس بأخر.. في اليمن لا غيرها.. قادة محاور ومحافظين محافظات عسكريين برتب عليا معينين من قبل الرئيس هادي، وبكل "بجاحة" يعلنون ولائهم للانتقالي ومستمرون بمناصبهم.. يحدث هذا في اليمن وفي اليمن فقط.. كذلك في اليمن يقتل القتيل ويمشي القاتل في جنازته، ويبكي عليه ويشكل لجان للتحقيق بمقتله، ثم تسجل القضية ضد مجهول، بينما هو معلوم من قتله؛ إنه من شكل اللجان لا غيره..؛ والمثال الكبير على ذلك هو الشهيد الحمدي يرحمه الله..؛ في اليمن أيضا تستغرب بوجود مكونات تدّعي انها تمثل شعبها ولا تحتفل او تدعو للاحتفال في ذكرى ثورته؛ على سبيل المثال ثورة أكتوبر في اليمن هناك الانتقالي يدّعي انها مفوض من شعب الجنوب، وهو ليس له علاقة بثورتهم ولا يحتفي بها..!!.. انت في اليمن فكم من المتناقضات يستطيع المرء رصدها.. يستحيل يبلغ عدّها وحصرها في اليمن.. تحياتي لكم ولن أثقل عليكم كثيرا..