في ايام الزمن الجميل كان للعصابات اخلاق و قوانين يحترمها كل افراد العصابة فقد كانت العصابات لا تسرق الا البنوك ولا تخطف الا ابناء مسؤولين او ابناء تجار كبارفي البلد. وكان روؤساء العصابات يحسنون الى الفقراء والمحتاجين ويهتمون بأهل المنطقة التي ولدوا فيها وتربوا بها ولنا في قصص رجال عصابات المافيا واشهرهم ال كابوني و قصة الاسطورة بابلو إسكوبار في كولومبيا وماذا فعلوا مع المناطق التي اتوا منها وكيف ساعدوا ذويهم على الدوام والكثير من افعال الخير التي كانوا يقومون بها.
ولنتطرق الان الى كيفية تشكيل المافيا اشهر عصابة في العالم على الاطلاق والتي يعود تأسيسها الى منتصف القرن التاسع عشر في جزيرة صقلية.
تنطلق فكرة المافيا من العائلة التي هي نواة المافيا التي يرتبط أعضاؤها فعلياً في ما بينهم بالانتماء إلى أسرة واحدة بالقرابة أو الزواج أو على الصداقة الوثيقة. اعتمدت في عملها على إرسال خطابات إلى الأثرياء لمطالبتهم بدفع مبالغ مالية لتأمين حماية شخصية لهم من المجرمين الذين غالبا ما يكونون هم أنفسهم، وكان مصير الأشخاص الذين لا يستجيبون لمطالب المافيا التفجير أو الخطف والقتل. ومع ذلك اشتهرت المافيا في إيطاليا باحترام الإيطاليات، وعدم النظر إليهن بسوء.
بدأت الهياكل التنظيمية لجماعات المافيا، في صورة مجموعات، تعرف باسم (Cosche)، تتكون كل مجموعة من عشرين شخصاً لهم قانونهم ونظامهم الداخلي. يتخذ تنظيم تلك المجموعات تسلسلاً هرمياً، يتمثل بـ رئيس {كابو} أو الرأس، وهو الحاكم الفعلي الوحيد في العائلة وأقوى أفرادها ويمثل رأس السلطة الهرمية، وهو منفصل عن العمليات الفعلية بعدة طبقات من السلطة، يتلقى جزءاً من أرباح كل عملية يقوم بها أفراد الأسرة.
اذا ما قارنا هذا الجزء الذي يختص بالمافيا الايطالية مع المافيا الحوثية التي تشكلت منذ زمن قريب في اليمن على انقاض الانهيار الذي حصل في البلاد بعد كارثة 2011 التي سميت زوراً بثورة الشباب سنجد بأن هذه العصابة المحلية تعمل وفق هذا التريب الهرمي الذي كان معمولا به لدى المافيا الايطالية فالكابو لدى الايطالين يقابله (السيد) لدي الحوثيين الذي يطبق فعليا مبداء الانفصال عن العمليات الفعلية التي يقوم بها على الارض بقية افراد العائلة الحوثية ويقتصر دوره على القاء الخطب والاشادة بالاعمال التي يقوم بها البقية وطبعا مشاركة الارباح.
عامل مشترك اخر يمكننا ان نلاحظه بين النسخة الايطالية والنسخة الحوثية هو وجود مجموعة من المساعدين من الخارج وهو ما يعرف بالمشرفين في النسخة الحوثية وهولاء المشرفين ليسوا أعضاءً في العائلة، إنما يقومون بمهام محددة، وبدور الوسيط أحياناً لا يمكن أن يصل المشرفين إلى أكثر من ذلك من دون أي أمل في الترقية. يبقى الجندي جندياً، ولا يطمح الملازم في منصب السيد إلا إذا كان من ابناء السادة فالزعامة وراثية، والمراكز هي لمدى الحياة.
الفرق الذي يمكننا ان نراه بوضوح بين المافيا والحوثية هو الالتزام بمبأدى وقوانين العصابة فالنسخة الحوثية وعلى العكس تماما من نضيرتها الايطالية ضربت بكل المبأدىء والقوانين بعرض الحائط فتسلطت على رقاب الضعفاء وسلبت الاموال من البنوك ومن عامة الشعب وعملت على افقار الجميع دون تقديم ادنى مساعدة الى احد بل انهم تفوقوا على كل عصابات العالم المعروفة والغير معروفة في مسألة جباية الاموال لصالحهم بكل الطرق.
المثير في الامر بان هذه العصابة الان باتت تشكل دولة وهناك من يساعد على الاعتراف بها وهذا مما سيجعلها تتفوق على المافيا الايطالية بانها نجحت في تأسيس دولة؟!