تسمّرت انظار العالم الأسبوع الماضي امام شاشات التلفزة لمتابعة نتائج عمليات الفرز للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية نظراً لأهمية أمريكا منذ ثلاثة عقود وانفرادها كقطب وحيد في العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي على يد ميخائيل غورباتشوف، وتوزعت عواطف وامنيات الجمهور والساسة في عالمنا العربي على وجه التحديد بين بايدن وترامب وكلٌ يُمنّي نفسه بهذا او ذاك ولكن الناخب الأمريكي حسم الأمر بما يراه صالحا لبلده ومستقبلها وهيبة القوة المكتسبة على مدى قرن كامل، فانتصر بايدن وخسر ترامب وهذا هو الأمر الطبيعي بعد السياسة العنصرية التي انتهجها ترامب في سنوات حكمه الأربع الماضية وتجلّت في اسوأ صورها بعد مقتل ذلك الأمريكي الأسود جورج فلويد بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة وهو يترجى ذلك الشرطي الأبيض الداهس بركبته على رقبته فاشتعلت المظاهرات الاحتجاجية في أمريكا بل وتعاطفت معها شعوب كثيرة في انحاء العالم مستنكرة ذلك الفعل الشنيع والتمييز العنصري البغيض الذي عاد للظهور علانية في فترة الرئيس دونالد ترامب الذي لم يحرك هذا الفعل شعرة من شعراته الشقر ناهيك عن ضميره المتعاطف اصلاً مع هكذا ممارسات التي تهدد فعليا السلم الاجتماعي داخل الولايات المتحدة الأمريكية وقطعا هذه الحادثة من ضمن الأسباب التي أدّت الى سقوطه المخزي في الانتخابات الأخيرة،
الذي يظهر حتى الآن رفض ترامب لنتيجة الانتخابات وعدم اعترافه بخسارته وفوز بايدن، وهو الذي قد أعلن من قبل أنه لن يغادر البيت الأبيض حتى لو خسر الانتخابات فماذا يعني ذلك؟ ترامب وأنصاره يعلنون أن النتيجة سُرِقت منهم وأنهم سيعودون للمحكمة العليا وهذه قبل الانتخابات قد عززها بقاضية من أنصاره تحسباً لهذا اليوم،
ظاهرة شراء الأسلحة قبل الانتخابات من قبل أنصار ترامب والتهديد المباشر لمعارضيهم مؤشر غير إيجابي فهم فقط ينتظرون ساعة الصفر وإعلان النفير من قبل أحد المتهورين وليس غير ترامب من تربع على قمة التهور المتلبس بالغرور من سيعلن ذلك،
قبل يومين ترامب يُقيل مارك أسبر وزير الدفاع الذي كانت له مواقف معارضة لسياساته ومنها عدم ضرب المتظاهرين المتضامنين مع السود بعد مقتل جورج الآنف الذكر، اقالة وزير الدفاع في آخر شهرين من فترته الرئاسية وتعيين وزيرا جديدا مارس عمله على الفور وتصريح زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ الذي أعلن انه لا يعترف بجو بايدن رئيسا ولا بهاريس نائبة له.
فهل هذه مؤشرات واضحة بأن ترامب سيقود انقلابا على الديمقراطية في أمريكا قبل موعد الخروج المُذل من البيت الأبيض في يناير القادم؟
ويصبح الرئيس الأول في التاريخ الأمريكي الذي يستورد ثقافة الانقلابات العربية ليتشبث بالحكم، المؤشرات تسير نحو ذلك الأمر وستكون سابقة خطيرة
قد تعيد الحرب الأهلية الى العلن وستبدأ مرحلة التفكك للولايات المتحدة الأمريكية وسيكون سقوطا مدوياً لأكبر قوة في العالم وتنتهي حكاية الهيمنة الأمريكية على العالم،
وهل سنرى قيام ترامب بعمل عسكري خلال فترة الشهرين المتبقية من فترة حكمه خارج أمريكا ليشغل الرأي العام المحلي والدولي ويمضي في انقلابه وقطعاً لن يكون انقلاباً ابيضاً بل ستسيل فيه دماء كثيرة خاصة إذا تحركت جماهير بايدن لتدافع عن حقها واختيارها الذي صنعته حقيقة في صناديق الانتخابات.
عالمنا العربي سيضل متفرجاً يعلق الآمال بهذا او ذاك