ها هو قمر 30 نوفمبر يَطلُّ علينا من نافذة الزمن، مبللاً عبوس أيامنا بالضوء والفرح .
ومُشعلاً فينا جذوة الفخر بتاريخ أجدادنا العظام، الذين سطّروا واحدةً من أعظم الملاحم الثورية والتحررية في التاريخ.
ليعود الحق لأهله ، ويعود اليمني سيداً على نفسهِ ومقدراته ووطنه.
فعلى الرغم من مرور نصف قرن على طرد آخر جندي بريطاني من عدن لا تزال تلك الذكرى الوطنية مبهجة كطفلٍ يرفض أن يشيخ ، لم لا ونوفمبر كان أحد أهم المنعطفات السياسية في بلادنا والمنطقة والعالم .
الفلاحون والعمال والطلاب ورجال البوادي والمدن يشعلون ثورة في وجه أعتى الامبراطوريات قوة وتجبراً في ذلك الزمان، ويجبرونها على الانسحاب مخلفة ورائها قرن ونيّف من الاحتلال الاثيم ، والصلف الإستغلالي المتوحش لخيرات ومقدرات شعبنا، وما لحق به من أضرار بالغة أستغرق اعواما طوال لتجاوزها والتحرر من نتائجها الكارثية لا سيما على الصعيدين النفسي والاجتماعي.
“الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس” والمنتشية بانتصارها المجلجل في الحرب العالمية الثانية برفقة “الحلفاء” تطوي هزيمتها في أرض البراكين الرابظة على الزقوم، وتغادر تحت هدير الرصاص ولعلعات البواريد وزمجرات الدقائق المخظّبة بغضب الأحرار ودمائهم الزكية .
“برع يا استعمار” ، تلك الأمنية الأسمى ، والغاية النبيلة ما بحّت وهي تصدح بالتحدي حتى كان للثوار ما أرادوا.
ففي الثلاثين من نوفمبر رحل آخر جندي بريطاني من عدن ، واستعد الأحرار حينذاك لتوحيد الجنوب وإلغاء حكم السلطنات وبناء “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” واصبح حلم الوحدة بين الشطرين المثخنين بجراحات الغزاة والم التشظّي خياراً ممكنا ..
وهو ما تجسد في الثاني والعشرين من مايو 90 م كثمرة غرست في حقلي 26 سبمتبر و14 أكتوبر فأنبتا 30 نوفمبر لتقطف الاجيال ثمرة الوحدة التاريخية في العام ١٩٩٠. الرحمة والخلود لشهداء نوفمبر وأكتوبر والمحبة والإجلال لجميع الثوار الأحرار ، وعاش اليمن حرا مهابا .