مخطئ جداً من يقلل من دور فئة الشباب في وقف الحرب وتحقيق الإستقرار والسلام الإجتماعي في اليمن .. لأن هذه الفئة في الحقيقة هي الأكثر والأشد تأثراً بالصراع والعنف الدائر في البلاد، إذ انها تعد وقود الحرب، ووحدها يتم استغلالها والتغرير بها من قبل اطراف الصراع للمشاركة في اعمال العنف .. لذلك فإنه وفي حال تم ابعاد هذه الفئة ووقف عمليات مشاركتها في الحرب واعمال العنف فإن ذلك يعني نهاية للصراع الدائر في البلاد، وبداية لمرحلة الاستقرار والسلام.
الشباب هو الثروة الحقيقية لاي مجتمع، وهو درع البلد وسيفها والسياج الذي يحميها، ومستقبلها ايضا .. وعندما تتعرض هذه الفئة للتغرير والتدجين، ويتم تلويث افكارها تتحول الى معاول هدم، والشباب المغرر به، والذي لا يمتلك رسالة ولا قضية، يفعل بأمته أكثر مما يفعله عدوها للأسف دون أن يدري .. وعلى العكس من ذلك تماما فعندما يكون هناك شباب واعي وذو أخلاق نبيلة، وقلوب شجاعة، وعقول متزنة مشرقة متقدة يستطيع ان يسهم في بناء بلده وتحقيق المستحيل.
ويحضرني هنا قول الأديب والراوئي «جورج دونالد»: "تنتهي وظيفتنا في الحياة عندما نتوقف عن فهم الشباب" .. أي أن الشباب هو المجهول الذي يجب معرفته، وكلمة السر لباب المستقبل التي يجب إيجادها .. ومن هنا تتحلى لنا بوضوح حقيقة واهمية الدور الهام والبارز والقوي والمؤثر الذي يمكن ان تلعبه فئة الشباب في مجال صناعة السلام وتحقيق الاستقرار والتنمية في البلد .. ما يعني ان عملية إشراك الشباب في هذا المجال تعد ضرورة حتمية يستحيل اغفالها او تجاهلها.
وبإعتقادي أن مسألة تحييد الشباب، وتهميشهم، والتقليل من ادوراهم في عملية تحقيق السلام وبناء الدولة وصناعة القرار - لم تكن صدفة بل انها مقصودة ومخطط لها وذلك من قبل القيادات السياسية اليمنية، وتحديدا قيادات الاحزاب والتنظيمات السياسية التي هي في الاساس عبارة عن قيادات شائخة وهرمة ومعتقة فقدت القدرة على خدمة تنظيماتها، بل والقدرة على التفكير، ولم تعد قادرة على التعاطي مع متغيرات وتحولات الحاضر والمستقبل، والتي ترى في فئة الشباب العدو اللدود والمنافس القوي الذي يمكنه ان يحيدها ويعري خواءها وفشلها ويحل محلها.
ونتيجة لذلك نجد ان تلك القيادات الصدئة والتي عفى عليها الزمن تتعمد على الدوام تهميش الشباب، والتقليل من ادواراهم، وتشويههم، وترفض بشكل قطعي عملية اشراكهم في صناعة قراراتها الداخلية، وكذا القرارات السياسية المتعلقة بالدولة، بالاضافة الى رفضها عملية اشراكهم في جلسات المباحثات والمفاوضات الخاصة بأطراف الصراع، كما نجدها ايضا ترفض تفعيل دور المكونات الشبابية ودعمها وتبني رؤاها وتصوراتها ومبادراتها وتحديدا تلك الخاصة بحل الصراع وتحقيق السلام في اليمن.
وبناء على ما سبق نؤكد أن فئة الشباب في اليمن لديها الامكانية والقدرة والاستعداد التام للمساهمة الفاعلة والناجحة في عملية بناء السلام ووضع حد لاعمال العنف والفوضى والانقسامات والتشظي التي تشهدها البلد، وان هناك كفاءات شابة كثيرة قادرة على ان تحقيق ما عجز عنه الكثيرين، ولديها القدرة والاستعداد لتقديم العديد من الرؤى والافكار والتصورات والمبادرات، الى جانب تنفيذ سلسلة من البرامج والمشاريع والحملات التوعوية الرامية لنبذ العنف والفرقة الهادفة لاشاعة السلام وتحقيق الاستقرار ومباشرة عملية البناء والتنمية .. وما ينقصها فقط هو اتخاذ قرار سياسي جماعي من قبل كل الاطراف والمكونات السياسية يؤكد على ضرورة اشراك الشباب ودعمهم وتمكينهم من العمل والقيام بواجباتهم وادوارهم بعيدا عن الفرز والتصنيف والتمييز والحسابات السياسية العقيمة.
بقلم الناشط : علي رضاء علي الحقاني وزير الدولة حكومة شباب وأطفال اليمن
مصر - القاهرة