صَمَتُوا.. وكُنتَ بِحُزنِهِم تَتَحَدَّثُ ومَضَوا.. وكنتَ بِحُلمِهِم تَتَشَبَّثُ
وَلَغُوا بِأَوحَالِ الحَيَاةِ، فَأَوْرَقَت لَهُمُ الحَيَاةُ.. وأنتَ لا تَتَلَوَّثُ
ويَدَاكَ شَامِخَتَانِ، لم تَتَسَوَّلا وَطَنًا يُخَمَّسُ شَعبُهُ ويُثَلَّثُ
يا مُمسِكًا بيدِ الغَريقَةِ، مَن لها إنْ رُحتَ تَلهُو كالصِّغارِ وتَعبَثُ!
قَلَقُ السَّفِينَةِ أنتَ.. كَم مِن مَوجَةٍ كُسِرَت عَلَيكَ، وأنتَ لا تَتَرَيَّثُ
سَفَرٌ عَلَى كَتِفَيهِ ألفُ قَذِيفَةٍ تَهْوِي، وقَلبٌ بِالخَنَاجِرِ يُحرَثُ
شَجَنٌ عَمِيقٌ كالجِرَاحِ.. حُدَاؤُهُ عُقَدٌ تَضِيقُ عَلَى يَدَيكَ وتُنفَثُ
وقَصِيدةٌ تَعِدُ الجياعَ، وأَهلُهَا عَمَرُوا البِلادَ بِدَمعَتَينِ وأثَّثُوا
جَرَحَتكَ قَافِلَةُ العَبيدِ فَلمَ تَمُت كَمَدًا، لِأنَّكَ خَلفَهَا لا تَلهَثُ
ورَمَتْكَ مِن كُلِّ الجِهَاتِ ضَغَائِنٌ سُودٌ، بِكُلِّ فَضِيلَةٍ تَتَرَوَّثُ
لكنَّ مَوتَكَ بِالقَصِيدَةِ ثَروَةٌ لِلمُدقِعِينَ.. وثَورَةٌ سَتُوَرَّثُ
ما زِلتَ مُكتَنِزًا يَدَيكَ، ومُوْرِقًا مِن مَاءِ وَجهِكَ، رَاحِلًا، لا تَلبَثُ
زَرَعَتْكَ رُوحُكَ فِي الرَّمَادِ، فَأينَمَا وَلَّيتَ وَجهَكَ فَهوَ جَمرٌ أشْعَثُ
ما كُنتَ مِمَّن يَغسِلُونَ وُجُوهَهُم بِالمالِ.. إنَّ المَالَ دِينٌ مُحدَثُ
*** يا غائِمًا كَيَتِيمَةٍ.. ومُوَارَبًا كَقَصِيدَةٍ فِي النَّومِ.. عَمَّن تَبْحَثُ؟!
هذا زَمَانٌ لا يَجفُّ ظَلَامُهُ يَمضِي الخَبيثُ بهِ، ويأتِي الأَخبَثُ
دَعَتِ الإناثُ على الذُّكورِ بهِ، ولَم يُثْمِر دُعاءٌ.. فالجَمِيعُ مُؤنَّثُ
لا تَلتَفِت لِسِوَى ظِلالِكَ إنَّهُ أوْفَى الصِّحَابِ، وعَهدُهُ لا يُنْكَثُ
واكتُب قَصِيدَتَكَ الأَخيرَةَ.. واحتَرِق فَلَعَلَّ شَيئًا مِن رَمَادِكَ يُبْعَثُ