فيما يحتفل سكان العالم برأس السنة الميلادية الجديدة ويقدمون الأمنيات ويتبادلون التهاني، ويشعلون السماء بالألعاب النارية، يستعد اليمنيون لدفن جثامين ضحايا التفجير الغادر، ويتبادلون رسائل العزاء. لقد سبقت بلادنا هذه الاحتفالية فأشعلت الألعاب النارية من أجساد الضحايا في تفجير دموي غادر، فهل بعد هذا ما يقال؟ هل مازال عدو اليمنيين مسلما وهو يقدم القرابين لعامه الجديد بمذبح عظيم! وهل يكون مسلما من أوقد أجساد الضحايا الأبرياء؟ الفاجعة كبيرة، الألم يعتصر قلوب ثلاثين مليون تابعوا لحظات التفجير التي ما تزال تطالعنا بالصور حتى اللحظة! لم يعد ما يقال في هذه الفاجعة غير أن الأمل معقود بالحكومة التي لاشك أنها حكومة تحدٍّ بعد هذا الحادث المروع. الحكومة التي ينبغي أن تعي الدرس جيدا، وتكون على قدر ثقة الشعب، الشعب الذي ينتظر إنجازها ابتداء من اجتماع اليوم الذي عقد بحضور ذلك العدد من الوزراء، فالاجتماع يعد نجاحا للحكومة بانعقاده في هذا الظرف الصعب، الاجتماع الذي جاء غير متوقع تابعه اليمنيون بأمل كبير ليكون بداية لإنجاز طال انتظاره. إن أعين الجميع على عدن، أعين المحبين وأعين الحاقدين، فعدن تحملت اليوم ثقل الأمانة وعبء المسؤولية، وأثبتت أنها المدينة الأكثر قدرة على رأب الصدع، ولمّ الفرقاء في طاولة واحدة. عدن التي تحمل الكثير من أحلام اليمنيين وتتحمل الكثير من مواجعهم، عدن التي أريد لها أن تكون مقبرة للحكومة، فكانت منطلقا لها، عدن المدينة الطيبة الطيب أهلها تحتضن اليوم آمال ثلاثين مليون يمني تتوزعهم مدن الحرب والشتات. لقد استطاعت عدن أن تتحدى الأزمة وتكون حصنا لهذه الحكومة، الحكومة التي جاءت في ظروف استثنائية ها هي تجتاز عنق الزجاجة، وتبدأ أولى خطوات النجاح، ونجاحها الأكبر يتمثل في البقاء على أرض الوطن، فلا هروب من مواجهة الواقع مهما كان مرعبا، والهاربون من جحيم أوطانهم يموتون في جحيم المنافي ألف موتة، والمرء لا يموت مرتين.. إن التأريخ ينقش أسماء أولئك العظماء الذين عاشوا لأوطانهم أكثر مما عاشوا لأنفسهم، وقد سجل التأريخ عودتكم رغم المخاطر، هذه العودة التي تعد أكبر نصر للشعب، وأول خطوة نحو تصحيح المسار. اسمعوا لما تمليه عليكم ضمائركم واعملوا: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)، رحم الله الشهداء وشفى الجرحى.