الفيروس الذي يعشق مهاجمة الأقوياء أولاً ——
غالباً ما تتنمَّر الفيروسات والجراثيم وكل الأمراض والأوبئة على البلدان الضعيفة والفقيرة، لكنّ كورونا قلب المعادلة.
كورونا عدونا جميعاً، لكنه- والحق يقال- عدو يجبرك على احترامه. فهو يستهدف الرؤوس أولاً سواءً على مستوى الدول أو الأفراد.
ليس مثل بقية الفيروسات والأوبئة التي تذهب إلى أفريقيا وبلدان العالم الثالث الأسوأ وضعاً والأشد فقراً كي تستعرض عضلاتها هناك، بل بدأ بمهاجمة رؤوس العالم، الدول العظمى.
بدأ بضرب الصين ثم هاجم أوروبا بشراسة وقسوة ثم بدأ بضرب أمريكا التي يبدو أنها ستكون على موعد مع موجة عاتية من الوباء. لقد بدأ كورونا بمهاجمة القوى العظمى والرؤوس الكبيرة، ولم يلتفت حتى الآن كثيراً للبلدان الضعيفة والفقيرة.
وحتى على مستوى المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا كلها، نراه استهدف الدول الإقليمية القوية والغنية بصفة رئيسية ومنذ البداية، بدءاً من إيران ومرورا بالسعودية وبقية نادي الدول الغنية في الخليج.
وإذا كان هذا على مستوى الدول والبلدان، فإنه على مستوى الأفراد، يتصرف وينتهج حتى الآن نفس النهج، حيث يبدأ بمهاجمة زعماء البلدان وشخصياتها البارزة: من الصين إلى ألمانيا وأمريكا مرورا بإيران وليس إنتهاءً ببريطانيا، استهدف كورونا العديد من قادة هذه البلدان وأفراد نخبها السياسية والفنية.
ولا شك أن كورونا يستهدف الناس والمواطنين العاديين وأنه عدونا جميعا، عدو البشرية جمعاء، لكن هذا الفيروس الغريب يستوقفنا كثيرا عند هذه النقطة.
يقول العلم إن الفيروسات لا تفكر، لكن كورونا يشعرك أنه يتمتع بوجهة نظر خاصة به تجاه العالم، يشعرك أنه يفكر أكثر من البشر ويعشق مهاجمة الكبار والأقوياء أكثر من سواهم.