كان الجنرال شارل ديغول- الوحيد -من بين جميع جنرالات الجيش الفرنسي الذي لم يرضخ لقبول شروط الاستلام المذلة والمهينة التي أملاها هتلر على الشعب الفرنسي:
-تتغير النشيد الوطني الذي كان يحث "الفرنجة" الفرنسيين على حمل السلاح لدحر الغزاة والذود عن الأرض والأهل وتراث الأجداد، إلى نشيد رومانسي سلس يحثهم على البقاء في بيوتهم و الاسترخاء والتفرغ لتربية أولادهم التربية الصالحة لخدمة الغزاة الالمان، ويدعوهم كذلك إلى التعزي والانتخاء بادولف هتلر بدلا من لويس الرابع عشر
-دفع جزية مجزية كان مقدارها-آنذاك- أربعمئة مليون فرنك يوميا! ! كعربون شكر للغزاة الألمان على احتلالهم لأرض فرنسا وإذلال شعبها.
فلما رأى ديجول أن بقية القادة قد خذلوه ورضخوا لقبول تلك الشروط ووقعوا عليها، اضطر إلى مغادرة البلاد طلبا للعون من بريطانيا، وآوته الاخيرة وأكرمت نزله وضيافته إلى حين. فقد اقلقت كثرة تحركاته وسفرياته ما بين بريطانيا ومستعمرات فرنسا في أفريقيا كبار قادة الجيش البريطاني الذين كانوا لا يألون جهدا في تدبير انجع الوسائل للإطاحة به بل انهم وجدوا وقتا كاف للتندر عليه والسخرية برأسه الذي شبهوه بالأناناس ورقبته بالخيار! ! .
وأشار قادة الجيش على تشرشل أن يبعد هذا الأناناس.. ويستبدل به جنرالا يسمع الكلام ولا أقل من إن يكون بغض النظر هيئته، لأن هذا الديجول رجل غريب جاء من أقصى الأرض طريدا شريدا يطلب منا العون ،ومع هذا يريد ان يملي علينا بعض شروطه التي كان على رأسها اطلاعه على خطة حرب تحرير فرنسا وان يكون هو قائد هذه الحملة لأنه اكتشف ان الحلفاء يمكن ان يكونوا حلفاء في الظاهر لكنهم في الباطن لا يجدون غضاضة في البحث عن شخص يخدم مصلحتهم في هذا البلد قبل كل شيء آخر ،حتى لو كان البلد بلده!، وكان جواب تشرشل أن تنفيذ مثل هذا الإجراء في مثل هذا الظرف الخطير الذي تقف فيه قوات هتلر على أبواب باريس أمر خطير ومحض هراء. ومع ذلك لم يستطع تشرشل ان يخفي غضبه من كثرة ما يرد عليه من أخبار هذا الديجول، فتوجه إليه بالكلام وهو جد مغيظ:
-إنك تترك ميدان الحرب في أوربا -فرنسا-وتذهب إلى أفريقيا! ايش وداك هناك؟
-ديغول: الذهاب إلى أفريقيا رسالة سوف تفهمها فرنسا! .
- تشرشل: ولكن مؤسساتنا هنا، وأنت تتعامل مع الخارجية ورئاسة الأركان وأخشى أن يتهموك يوما ما بأنك تعض اليد التي أطعمت حركتك "حركة فرنسا الحرة"!
-ديجول:إن فرنسا الحرة لا تعض صديقا، ولكنها لا تمانع أن يفهم من يهمهم الأمر أن فرنسا ما زالت لديها أسنان! ! !
رأس يشبه الأناناس يخرج الكلام منه خير من رأس يشبه المانحة ويصدر الكلام من رأس غيره، ورقبة سدادة تشبه الخيار تكون صاحبة قرار، خير من رأس يشبه جحف حبحب قارع.
وصدق القائل: اثنان لا تستطيع أن تعرفهما أو تثق بهما الا بعد تجربة ...الناس والبطيخ.