تكابد الامها منذ سنة السقوط .. وصراخ الساحات .. تتوجع ولا تشعرك بوجعها .. تحرص ان تخفي معاناتها حتى لا يشاركها الامها اقرب الناس اليها ..
رقيقة وقوية حد الخيال .. اوكلت امرها لبارئها، ولم ترد ان تغالب اليوم قدرها .. هي تراهن على الاجمل.. على جديدها القديم .. الاتي من غيمات الارادة والامل ..
قال الحكيم الفنان ، الذي نحت في الصخر غزلها ، ورسم لوجهها في السماء لوحة تجريد مائية، تتداخل فيها الالوان والحركات، انها ايقونة اصيلة .. قوية ونادرة ، لن تكسر رغم الاورام والجروح النازفة ، التي تحيط بجسدها .. تقاسم (ابي) معها زمنا من شظف الحب والحياة .. قابلها في زمن كان زمنه وحده ، وتركها في زمن غادر، لم يتعرف عليه، ولم يعترف به .. كان مصابها فيه كبيرا ، لكنها كعادتها قاومت ولا تزال تقاوم بصبر وايمان..
اخذت عن ابيها (القاضي) الحكمة والتأمل والوقار ، وعن امها (السليمانية) جمال الروح واكتمال المعنى .. التجاوز واحتمال الوجع، والصمت عند الغضب . تكابد الامها بصمت ، ثقتها بنفسها كالجبال .. عابدة زاهدة .. تلهج بمحبة الناس وذكر الرحمن ، لسانها تسابيح واذكار ، شديدة التمسك باهداب الله واقدار السماء ..
يعسوبة الهامنا .. تستشعر الآم الطيبين وترمم اوجاعهم بعاطفة وايثار وسخاء لا حدود له. انسانة فوق الخيال .. بسيطة ومتواضعة ..
سيدة نبيلة وفاضلة. يمانية كالنصل ، ممتلئة شرفا وعفة وطهارة .. طيفها كالنسيم .. غيمة حب، وجمال، والوان وظلال.
هي مختلفة تماما، ليس كمثلها احد .. غاية في التهذيب والرقة .. متسامحة وهادئة ..نادرة في احاسيسها ، ودودة في تعاملها، كريمة لدرجة ان تضن على نفسها وتغدق على غيرها ..
(جوهرة) نادرة لم افارقها ، ولم تترك يدي يوما .. هي تسكن روحي ، ترافقني في لحظات حزني وفرحي .. لم تغادرني قط ، دوما تظللني بروحها التي تسكن بين اضلعي .. تخاف علي من حبات المطر وذرات النسيم .. اوجاعها تأخذ منها ، اراها تعاني ولا املك الا ان اتوجع لوجعها .. امد يدي للسماء تضرعا .. ربي خفف عنها ، فانها (امي) قلبي الذي لا ينبض الا بحياتها ..