بين جون كافين وعبدالملك الحوثي

د/ محمد جميح
الأحد ، ٣١ يناير ٢٠٢١ الساعة ٠١:١٢ صباحاً
مشاركة

جون كافين كان قسيساً مسيحياً ثار ضد الكنيسة الكاثولوكية في سويسرا، وأصبح له تفسيره الحرفي الخاص للإنجيل. كفر الكاثوليك - وهم غالبية المسيحيين - بعد أن تحول إلى البروتستانتية... كان رجل دين يميل إلى الفلسفة، لكنه مارس السياسة، ونصب نفسه "نائباً عن الله وظلاً له على الأرض".

أحرق كنائس الطائفة المسيحية الأكبر (الكاثوليك)، بعد أن أخرجهم من المسيحية، واعتبرهم مهرطقين وثنيين، ثم اعتبر أن من لا يؤيد حرق كنائس المخالفين وبيوتهم مهرطقاً كذلك يجب حرق كنائسه وبيوته وممتلكاته..

قتل خصومه، وأحرق بيوتهم وكنائسهم، وأنشأ "حكومة الله" في سويسرا، وأرسل جنوده ورسله إلى أوربا لنشر أفكاره التطهرية ومثالياته التي أوقعته فيما يُعدُّ اليوم عملاً إرهابياً.

أحرق معظم تماثيل الحضارة الأوربية التي وقعت يده عليها، بحجة أنها "أوثان" من مخلفات "الكاثوليك" الكفار، وضاعت ثروة إنسانية كبيرة من لوحات وتماثيل وتراث فني في مدينة جنيف.

كانت لديه نزعة تطهرية، لكنه كان من أكبر مجرمي أوربا، كان إرهابياً مسيحياً بامتياز.

قال عنه بعض أتباعه أن "الله يتكلم على لسانه"، أو أن المسيح حل فيه.

هل يذكركم جون كافين بأحد؟

بالتأكيد.. يا سادة... 

نحن أمام شخصية تشبه عبدالملك الحوثي في تطهريتها ونزوعها الاصطفائي، وتدميرها لدور العبادة التابعة للمخالفين، وخروجها على أغلبية من ينتمون لدينها.

وفي حين أن جون كافين هو النسخة المسيحية من عبدالملك الحوثي، فإنه كذلك نسخة من "أبوبكر البغدادي" الذي كفر مخالفيه، وحطم تماثيل التراث الإنساني في سوريا والعراق.

لكن تأملوا: حدث هذا في أوربا قبل حوالي خمسة قرون....

قبل خمسة قرون كانت هناك عصابة مسيحية إرهابية في سويسرا تسمي نفسها "حكومة الله"، واليوم لدينا عصابة مسلمة إرهابية في اليمن تسمي نفسها "أنصار الله"!

والسؤال هنا هو: كيف يمكن أن نختصر مسافة زمنية تقدر بخمسة قرون...؟ كيف؟