العـزفُ على وتر التطبيع مع الإحتلال الاسرائيلي الذي بات موضة سياسية خلال العامين الماضيين لدى عدة دول وكيانات عربية سلاح ذو حدين، ففي الوقت الذي يمكن لهذا الأمر ان يجلب الرضاء الامريكي من البوابة الاسرائيلية ويستميل دعم الموقف السياسي والاقتصادي والعسكري لواشنطن-او هكذا يمني المطيعون أنفسهم - فأنه يصيب الداخل بالتشظي والانقسام ويحشر اصحابه في زاوية الخذلان والنكوص، خصوصا حين يكون هكذا تطبيع مجاني وعلى حساب شعب مقهور وارض مغتصبة ومقدسات منتهكة كشعب فلسطين والقدس والاقصى الشريفين ، فضلا عن انه تطبيع يبصم بالعشر للاحتلال بمواجهة شعب محتل مقابل مزيدا من القهر وابتلاع الارض والامعان بالإذلال والعسف ،وهذا ينسف كل ادعاءات النضال ضد الاحتلال والاستعمار اي كان هءا الاحتلال وهذا الاستعمار،ويفند مزاعم الوقوف مع الشعوب المستضعفة. فمثل هكذا تطبيع لا يعد فقط اساءة للشعوب العربية ونخبها بل تشجيعا للاحتلال والطغاة وعسفهم، واعترافا بواقع جائر ظالم لا تقره قوانين الارض ولا شرائع السماء. - فتصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي التي قال فيها اليوم ان لا مانع من التطبيع مع اسرائيل في حال استعاد الجنوب دولته كانت على ما يبدو تماهيا و إرضاءا للمواقف الإماراتية والسعودية أكثر منها رغبة حقيقية،فهو يعرف حساسية هكذا أمر لدى الشعب بالجنوب الذي ترسخت لديها منذ عشرات السنين شرف وقيم نصرة الحق الفلسطيني ورفض همجية الاحتلال الصهيوني وقدم اي الجنوب التضحيات بالدماء والكفاح ضد هذا الاحتلال في لبنان قبل واثناء وبعد غزو عام 1982م وفي سورية ومصر. فالزبيدي يدرك مدى حاجة الجنوب للموقف الخليجي بهذا الوقت،لذا كانت تصريحاته تحاكي الرغبة الخليجية،وقد تجلى ذلك ايضا برفضه اي علاقة مع إيران وهي رغبة سعواملرتية بامتياز وليست قناعة من الزبيدي الذي قال قبل سنوات ان لا ضير من مد الجنوب لإيران طالما وهي تتفهم المطالب الجنوبية، كما أن حديثه عن رغبته بالتفاوض مع الحوثيين تؤكد ان لا مشكلة لديه مع إيران، وأن ما قاله اليوم ليس أكثر من استرضاء للحلفاء الخليجيين ولجم انانيتهم. كم كنا نتمنى على الزبيدي ان يشرط اي تطبيع مع اسرائيل استعادة الحق الفلسطيني كاملا،وهذا القول لن يغضب الامارات والسعودية كما يعتقد البعض،فهذا الموقف هو موقف السعودية تجاه التطبيع وأن كان موقفا ظاهريا.
- خلاصة القول: اي تطبيع يكون على حساب شعب مقهور يمثل أنانية مفرطة وخذلانا صريحا بل ووصمة عار في حبين اصحابه مهما كانت المبررات ومهما كانت المكاسب. فالسياسة ليست خاسسة وغل وانسلاخ عن الأخلاق والمبادىء كما يعتقد البعض بل هي قيم ومُثل تحكم الساسة- او هكذا يجب ان تكون-.