من خلال خطوات سريعة ومتعددة تمضي مارب في أعادت صياغة وجودها الحضاري والسياسي ولليوم الرابع تستمر فعاليات معرض الكتاب الأول وسط اقبال كثيف تجاوز 30 الف زائر، وصاحب معرض الكتاب الأول العديد من الفعاليات الثقافية والفكرية والأمسيات الشعرية والفنية الغنائية ومعارض للفنون التشكيلية أضافة الى أنشطة فئوية للمرأة والطفولة. ويمكن للمراقب ان يرصد ان مارب مدينة ومحافظة ريف وحضر وبادية تعيد صياغة نفسها من جديد ويشارك في هذا الميلاد الجديد قيادات سياسية واجتماعية وشباب ومثقفون وأكاديميون، وخلال زيارته لمعرض الكتاب أوضح اللواء العرادة بإيجاز اهداف المعرض والمح بشكل أو بأخر انه يمثل التحولات الجديدة التي تمر بها المحافظة والانتقال من مربع الجهل الى مربع المعرفة.
ظلت محافظة مارب منسية على تخوم الصحراء وما هذا الحدث الا واحد من سلسلة أحداث متسارعة مرت بها محافظة مارب كلها تعني في مضمونها ببساطة ان هناك مدينة تبحث عن السلام وعن المعرفة كطريق للنجاة.
لم يكن من اليسير قبل سنوات عديدة وفي تاريخ محافظة مارب وفي مدينة كانت تنام تحت غبار البارود وتحيط بها المليشيات من كل أتجاه وقبل ذلك كانت مدينة منسية ونائية ان يتخيل المرء معرض للكتاب تشارك فيه دور نشر من بلدان عربية ودور نشر محلية بعشرات الالاف من العناوين المختلفة. ان معرض الكتاب الأول 2021م هو نقطة تحول ويمثل واحد من عشرات المؤشرات التي مرت بها مدينة مارب خلال سنوات الحرب، فالمدينة التي تغيرت في فترة وجيزة اقتصادياً وثقافياًً وقدمت النموذج الأفضل من بين المدن والحواضر اليمنية في زمن الحرب نفضت غبار الزمن عن وجهها الجميل كواحدة من اقدم عواصم الشرق القديم وتحوي كنوز تاريخية لا تقدر بثمن فمارب هي أم الحضارة والثقافة.
قطعت مارب شوطاً كبيراً خلال سنوات قليلة على طريق التراكم المعرفي والثقافي، وفي صباح كل يوم ينطلق عشرات الالاف الطلاب والطالبات الى قاعات جامعة اقليم سبأ، وتشهد المدينة انطلاق العديد من المنتديات الثقافية والأدبية التي بدأت في أنشطتها الثقافية وتتناول العديد من قضايا الأدب والثقافة والسياسة وقضايا التحول والتنمية. وتعج المدينة بالكثير من الأنشطة الإعلامية عبر اذاعاتها المحلية وهي مقر لمراسلي العديد من القنوات الوطنية والعربية ويؤمها الصحفيين من مختلف بلدان العالم. ان معرض الكتاب الأول بالمحافظة هو حدث عظيم في سلسلة التحول الذي تمر به المحافظة، المحافظة التي كانت استثناء في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا، المحافظة التي زاوجت بين الدفاع عن الأنسان من التوحش والهمجية المليشاوية وبناء هذا الأنسان فكرياً وثقافياً ومعرفياً ونظر لها العالم بتقدير واحترام كبيرين، نظراً لما قدمته من خدمات اسانية لكل اليمنيين في زمن الحرب، لقد انطلقت من مارب الخطوات المباركة الأولى المبشرة بالخير للانسان اليمني ولن تثنيها منظمات العنف الإرهابية عن السير الى مستقبل مشرق يعم نفعه كافة ربوع الوطن.
*كاتب وصحفي من مارب وعضو اللجنة الإشرافية لمعرض الكتاب الأول بالمحافظة