هرب عنترة من الثور فضحك القوم منه فقال : وما أدرى الثور أني عنترة . لخص ابن شداد أهم تصور في سردية الحروب وهو التصور المسبق للخصم ولقدرة العدو وبناء الأوهام فأول النصر أن تستطيع التخلص من عقدة الخوف وأن تتجاوز خصمك وألا تعيش مرحلة التضخيم الممض للعدو كي تفوز بالوردة : النصر
أول قاعدة قامت عليها هذه الجماعة هي العقدة التي زرعتها في نفوس الناس أنها جماعة لا تقهر وتصوير مقاتلي الحوثي أنهم شياطين وقد ساعد إعلام خصوم الحوثي على غرس هذه الصفة في نفوس الناس وفقط تداول بشاعة الحوثي وإرهابه ودمويته ووحشيته وقتله دون رحمة للرجال والنساء على حد سواء دون التطرق لكل بطولات الرجال الذين يواجهوانه تحت مبرر إظهار جرائم الحوثي للعالم وكأن العالم عندما يدرك ذلك سوف يأتي ليحررنا وليأخذ يده عن الأبرياء فالعالم يدرك حقيقة كل شيء وأنتم تساعدونه على إخافة الناس وقتلهم بهدوء
كل معارك الحوثي مجرد لعب منحتها له التناقضات فالحوثي لم يسقط عمران بقوته بل من اسقط عمران هو التخاذل المؤسسي والقبلي ولم يحارب ليسقط صنعاء كما تصور البعض بل سلمت له بهدوء وترك الكل مواقعهم للقادمين من الكهف
يعتقد البعض أن الحوثي قد تجاوز الجيش في صعدة دونما يدرك أنه اسقط المدينة بخضم احتجاجات الشارع ولا أحد كان مستعدا لترك مواقعه في صنعاء لحرب الحوثي في صعدة وأخذ دماج فيما هادي يهيكل الجيش وأخذ عمران بمباركة الجميع ودخل صنعاء دون أن يجد في ضواحي صنعاء من يوقفه،نعم
حسن نصر الله قال ان خطته ليست الخروج من صعدة ولم يكن الوقت قد أمكنهم أن يبدأوا بهذه الخطوة ولكن وجد الحوثي هكذا فجأة والجميع يخطبون وده من مؤتمر الحوار الى ما بعد المؤتمر ولم يتحدث أحد عن صعدة وزادت شهيته بعدما حدثت معركة دماج وقيل لهم، للسلفيين: إتركوا دماج للحوثي
في عمران ساعدته كراهية اليمنيين لحميد الأحمر وأسقط عمران التي تمثلت بتصور خاطئ أنذاك أن عمران ما هي الا بستان حميد الذي أهرق دولة بكل ضخامتها ولم يكن أحد من الناس مستعدا للقتال ولو بكلمة بوجه الحوثي فهم كانوا يرون فيها حميد الأحمر دون إدراك أن الذي يحدث هذا الحوثي الذي يرونه الآن بكل طغيانه،وهكذا
سطت هذه الجماعة على بلد كامل قبل أن يتشكل أي خطاب واعٍ لمواجهتهم به فالخطاب هو أول سلاح في كل معركة وكان الجميع في معركة مختلفة بين الأحزاب كأحزاب والأشخاص كأشخاص وكان الربيع العربي قد أسقط الخطاب الوحيد الجامع لكل اليمنيين وهو الخطاب الجمهوري الذي عجز العودة بمعناه الكامل حتى الآن
برأي مسبق يعتقد المقاتل أن الحوثي مزود بقوى خارقة وأن السحر بيد الحوثي وأن المخدر وأشياء كثيرة تدع الحوثي في الجبهة يرى خصمه حشرة وهذه نقطة ضعف لنا نحن خصومه وللمقاتل الجمهوري الذي يقول في قرارة نفسه : وما حيلتي أمام شياطين تعينهم المردة وصيادات الحكايات والتصور الفيلمي لهم كوحوش الفانتازيا ويدخل معركته بنصف قلب بل بربعه بل أحيانا بلا قلب حتى
من الجيد معرفة قوى خصمك كقائد يتحسس حقيقة وثغرات العدو ولكن لا تدع المقاتل أمام هذه الصورة ولو كانت حقيقية فما بالكم لو كانت مزيفة مثلما الحوثي الذي أجاد فن استخدام الوسائط ولديه الاعلام الحربي الذي يهيكل قناعات الناس فما قصة الولاعة وجولة الولاعة الا نوع من التكثيف الذي يرهق مخيلة الرجال بتصور مغلوط عن قوة الحوثي الضعيف
لنعد الى حكاية عنترة: لو لم تصبح الثور الذي هاجم عنترة وهو من أرهب كل شجعان العرب فلن تسقط الحوثي ولن تنتصر عليه فالمرحلة الآن تحتاج الى جيش من ثيران في مواقع الشرف ترى من الحوثي مجرد جبان بلا شيء يؤهله لينتصر وهنا يتجرع الهزيمة بظروف سهلة، وسترون كيف ستحدث المعجزة رغم ألا معجزة في الخلاص والتخلص الأبدي منهم ولكن الاعجاز في الفهم الواع لحيثيات المعركة
طال الكلام وهذه نهايته : لكم أن تعرفوا أن الحوثي يحاربكم بطلاب المدارس والأطفال المغرر بهم وبشباب يأخذهم من متاكئ القات دون أدنى تدريب وبلا فهم وخبرة وهم أقل منكم قوة ومقدرة ولكن لم يتصوروا أنكم شياطين لا تهزمون أبدا ولم تهزموا من قبل بل قاتلوكم بطفولتهم على حقيقتكم فقط والتي مفادها رجل لمثله وكفى.