بغض النظر عن تمكن الجيش من استكمال تحرير تعز في هذه المعركة أو توقفها، هناك شيء، بل أشياء مختلفة في المعركة هذه المرة، بدءا من طبيعة المعركة، مروراً بالتكتيك الرهيب، وانتهاء بالإسناد الشعبي وتلاحم القوى السياسية التي لم تتحد كما هذه المرة.
خلال ست سنوات وأنا أتابع سير المعارك في أكثر من جبهة، ومع المعركة الأخيرة في تعز، شعرت أن الحروب السابقة كانت تقليدية رغم تحرير الكثير من الأراضي، المعركة الحالية بتعز بقدر ما هي مرعبة للعدو، كانت مذهلة للمتابعين والمراقبين.
معركة مختلفة كلياً، تكتيك عسكري رهيب، جعل الحوثي "كالذي يتخبطه الشيطان من المس".
ما يفعله الجيش بتعز يجعلك تتساءل باندهاش.. هل حقا هذا الجيش عمره خمس سنوات..؟. شيء لا يمكن تصديقه.. فتحركاته، غاراته، هجماته، تحكمه في سير المعركة ونقلها من جبهة إلى أخرى خلق حالة من التخبط والتيهان في صفوف الحوثي.. كل ذلك يشعرك أن هذا الجيش ليس حديث التكوين، بل تلقى تدريبات مكثفة طيلة عشرات السنوات.
في جبهة مثل تعز، بتضاريس ريفها الصعبة وتقارب وكثافة مباني مناطق التماس بالمدينة، يجعل من الصعوبة البالغة أن تحقق تقدماً إلا بسلاح نوعي وعناصر مدربة على حرب الشوارع ودعم مادي ولوجستي قوي، وكل ذلك يفتقده الجيش بتعز، لكن المذهل أنه يفعل العكس ويتقدم بسرعة كبيرة.. هل العزيمة تفعل كل ذلك..؟ لا تفسير آخر متاح لنا سواه.
والأكثر دهشة أن الجيش بتعز يخوض المعركة بلا دعم من التحالف أو الحكومة، بل إنه لم يحصل على أي سلاح نوعي وله أشهر عديدة بلا تغذية ولا رواتب ولا هم يحزنون.