قيل قديمًا: شر البلية ما يضحك!
يراودني شعور الاستغراب والتعجب، والشعور الممزوج ذاك الذي ما بين المضحك المبكي حين ألمح في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع أو منشورات الندم والتباكي والحنين لعفاش، نعم كان عهد الرجل أهون بكثير من واقعنا الذي نعيشه حاليًا، ونعم جيلي والجيل الذي يكبرنا بقليل والجيل الذي بعدنا لم يعاصر عهدًا أفضل من عهده، وشخصيًا أنا معجب " بكاريزما " الرجل وشخصيته القوية، ولكن الحقيقة القاسية بأن علي عبد الله صالح هو أكبر كارثةً في تاريخ اليمن!
هذا الرجل دمر الشمال أولًا، وبعدها أكمل مشواره وراح يدمر الجنوب، هذا الرجل أتيحت له فرصة تاريخية عظيمة لجعل اليمن دولة إقليمية عظمى في المنطقة، وتوحدت اليمن بشطريه تحت أمرته، ودشن تصدير النفط والغاز، واكتشفت الثروات المعدنية، وبلاد متكاملة من نواحي كثيرة فهنا الثروات المعدنية، والسمكية، والبيئة الخصبة لأنواع زراعية مختلفة، وقوى بشرية كبيرة، وموقع جغرافي في غاية الأهمية، ولكن لأن عقليته عقلية رجل العصابة لا رئيس الدولة وصاحب المشروع الوطني كإبراهيم الحمدي، بدأ بالاغتيالات والتصفيات للكوادر الجنوبية منذ نفس عام الوحدة، وراح يزكي الفتن القبيلة والمناطقية، ويوزع حقول النفط على عائلته وحاشيته، وجعل الشركات العملاقة تنفر من الاستثمار في اليمن لأنه كان يشترط أن يذهب نصف الأرباح له أو لأحد أضلاع حكمه مقابل الحماية! وقوى من شوكة حزب يتاجر بعباءة الدين وجعلهم الشركاء في خيرات البلاد، ، وشرعن الفساد، وشوهه سمعة البلاد، وزرع الإرهاب في وطنه، وفي آخر عمره لم يمت قبل أن يسلم وطنه إلى مليشيات طائفيّة تنتمي لإيران ولم تنتمي للعرب!
وفي عهده كنا في أسفل القائمة في كل شيئًا إيجابي، وكنا في أعلى القائمة في كل شيئًا سلبي! مثل كمية قطع السلاح والارهاب وزراعة القات، وكنا ضعفاء حتى رياضيًا ألا تتذكرون في كأس الخليج كيف كنا مسخرة البطولة ومضحكة المحليين!
ليس تبريرًا لمن يحكمون حاليًا، فهؤلاء أسوأ وأضعف وإن كانوا بضاعته حسب قولته الشهيرة، ولكن حتى نعرف من أين أتى هؤلاء، ونعرف أصل المشكلة، ونقف عن التباكي لمن قتل مشروع الحمدي العملاق، وجعل أغلب الجنوب يمقت الوحدة ، وأعاد البلاد لحكم السلالة العنصرية، التي قامت أكثر من ثورة وحركة في الشمال خلال القرن العشرين حتى تخلص البلاد من سيطرة هذا الفصيل على الحكم لأكثر من ألف عام!
سالمين قتل وهو لا يملك أي رصيدٍ بنكي في حسابه، وإبراهيم الحمدي قتل وهو نظيف اليدين ، أما علي عبدالله صالح خرج من الحكم معززًا مكرمًا محتفظًا بالستين مليار دولار، وأبى من فرط حقده أن لا يموت إلا مقتولًا وفي ذمته عشرات مليارات دولارات الأمريكيّة، وفاتورة يومية للحرب القائمة منذ 6 سنوات، التي حسب انه سيعود منها منقذًا، وليس أمام الجميع إلا أنا أو هؤلاء، فأضحى الملايين يرجون الخلاص من هذه الحرب التي وحده الشعب هنا من يهزم فيها كل يوم!
ناصر بامندود