قد لا يدرك حقيقة وماهية حب الوطن من لم يذق مرارة البعد عنه الشعور بفقدانه. وأنت تغادر وطنك مجبراً تتقاذفك أمواج الغربة إلى بلدان العالم قد لا تجد مستقر ولا حضن دافئ يروي شغفك ويحل محل وطنك، ومهما منحك الآخرين من حقوق تظل بلا قيمة، ومهما بذلت من جهد وقدمت من عطاء تبقى مقصراً وعرضة للتندر، وفي أحسن الأحوال أنت أجنبي أو لاجئ مجتهد ينتظره في اي لحظة قرار الإستغناء عن خدماته او الإبعاد وتحت أتفه مبرر.
وقد تبذل كل طاقتك وجهدك في مجال ما يكون محور تخصصك تتمنى لو أن ذلك الجهد والعناء لأجل وطنك الذين تؤمن به بلا حدود وليس من أجل بلد الآخرين. تشتت اليمنيون على حين غره وكان انقلاب الحوثي هو سيل العرم الثاني الذي ضرب اليمن على مر التاريخ بعد إنهيار سد مأرب قديماً ومزقوا كل ممزق.
اندلعت الحرب واكتوى من في الداخل بلهيبها وأقاموا فيها مجبرين، فيما غادر من استطاع بعيداً يبحث عن وطن بديلاً لكن جلهم لم يجد الا طريقاً شاقاً ملغماً بالمتاعب. وللأسف أن هناك من أبناء اليمن من سخر نفسه لخدمة دولاً وكيانات خارجية كل همها أن يظل اليمن متعثراً يتسول المعونات والدعم الخارجي، ويعمل أبناءه كمرتزقة في بلدهم ينفذون أجندات دول خارجية معادية.
لكن ما يحتاجه اليوم اليمن هو وجود تيار شبابي روحاً وهمةً يحملون على عاتقهم مهمة إنقاذه من براثن المؤامرات الداخلية والخارجية، وإنهاء الحرب يتمثلون شعار "يمنيون من أجل اليمن" قولاً وفعلاً يقودون ولا ينقادون يبادرون ويخططون ولا ينتظرون أن يرسم لهم الآخرين خارطة طريق. ما ينقصنا اليوم هو تأسيس وغرس قيم "اليمن أولاً وأخيراً".
وما يؤسف له أن هناك رايك قيادات وشخصيات بارزة في المجتمع اليمني كنا نظنهم زعامات وهامات لكنها تهاوت أمام أعين الجميع، وكشفت الأيام زيفها معدنها وأن تشدقها بالوطنية لم يكن الإ لهدف معين ومن باب مجبراً أخاك ليس بطل" تلك الزعامات التي كنا يوما ما نجزم بوطنيتها فانجرفت وراء الإغراءات، وعادت تنفذ أجندات خارجية تهدف لإطالة أمد الحرب والأزمة اليمنية لخدمة آخرين بقصد أو بدون قصد.
القلة القليلة من اليمنيين لم تتلطخ أيديهم بالأموال القذرة، لكنهم مازالوا مغيبين عن الساحة مشردين بين مناطق اليمن وأقطار العالم، فهل حان الوقت لتشكيل هذا التيار الذي ننشده، ومتى سنرى أساساته تُبنى وتتشكل معالمه وتؤسس أركانه بدافع حب الوطن الذي يمثل الروح للبدن والشرايين للقلب؟
سامي_الحميري