هدنة الشّهرين... بداية الخروج من النّفق؟

سميح صعب
الاربعاء ، ٠٦ ابريل ٢٠٢٢ الساعة ١٠:٥٧ مساءً
مشاركة

قد تكون هدنة الشهرين اليمنية بداية النهاية للحرب، إذا ما توافرت الإرادة السياسية للأطراف للشروع في مفاوضات تقود نحو الحل السياسي، الذي لا بديل منه، إلا دوامة صراع ليس فيه منتصر ويبدو الجميع خاسراً.

ولولا أن ثمة توافقاً إقليمياً على ضرورة وضع حد للحرب، لما كان في وسع المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ تحقيق هذا الاختراق في الجهود الدبلوماسية.

ويفترض أن تتيح أجواء التهدئة الدخول في نقاش جدي حول السبل التي يمكن أن تدفع نحو بلورة تسوية سياسية يتوافق عليها الجميع.

وعلى أهمية التوافق الإقليمي، لا يمكن إلغاء الدور الذي يتعين أن يلعبه اليمنيون أنفسهم في إعادة بناء الثقة في ما بينهم، والشروع في حوار داخلي في شأن الرؤية المستقبلية لبلد مزّقته الحروب والفقر والمجاعة.

لا أحد يتصور أن التوصل إلى حل سياسي مقبول من أطراف النزاع يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها. لكن تبقى التهدئة في الميدان وصمت المدافع عاملين مساعدين، على تقديم التنازلات المتبادلة التي ستكون مطلوبة في مرحلة معينة من أجل التوصل إلى هذا الحل.

وعندما يرحب جميع أطراف النزاع بالهدنة ويلتزمونها، فهذا يعني أنهم قد اقتنعوا بضرورة إفساح المجال للجهود الدولية التي يبذلها المبعوث الأممي، كي يتمكن من ابتداع الصيغ التي يمكن أن تعزز الهدنة، وتقنع الأطراف بالدخول في حوار مباشر، يبدو أن لا غنى عنه في مرحلة معينة لوضع خريطة طريق نحو الحل المستدام.

منذ عام 2011 واليمنيون يعيشون في ظل الانقسامات والصراعات الأهلية، التي أودت بحياة عشرات الآلاف، ودمّرت ثروات البلد ودفعته إلى حافة الجوع والعيش على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية، في وقت يمكن اليمن لو كان يؤمه السلام والاستقرار، أن يكفي نفسه بنفسه ويعيش من موارده، وأبرزها النفط.

وكأن قدر اليمن أن يكون دوماً ساحة لصراعات دولية إقليمية ودولية منذ الاستقلال والانقسام إلى يمنين في ظل الحرب الباردة، وصولاً إلى الوحدة عام 1990، التي كان يفترض أن تكون بداية لحقبة جديدة تضع اليمن على طريق النمو الاقتصادي والخروج من الفقر.

لكن يا للأسف، لم تدم الوحدة طويلاً قبل أن ينفجر الخلاف الشمالي - الجنوبي الذي انتهى بحرب وسيطرة الشمال على الجنوب. ولم توفر اضطرابات "الربيع العربي" عام 2011 اليمن، ما جدّد من الصراعات الداخلية، وشكل مقدمة لتطور الأوضاع في اتجاه الحرب القائمة اليوم.

وأخفقت كل المحاولات التي بُذلت منذ سبعة أعوام لوقف الحرب والبحث عن تسوية سياسية.

وعلى سبيل المثال، فإن السويدي هانس غروندبرغ هو رابع مبعوث تعينه الأمم المتحدة سعياً إلى إقناع أطراف النزاع بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وعندما تسلم جو بايدن الرئاسة العام الماضي، سارع إلى تعيين الدبلوماسي تيموثي ليندركينغ مبعوثاً خاصاً لحل الأزمة اليمنية.

إلا أنه على رغم العديد من الزيارات التي قام بها للمنطقة، لم تثمر جهوده تحقيق تقدم حتى الآن. ومع إبداء كل الحذر وعدم الإغراق في التفاؤل، يتعين اعتبار الاختراق الذي حققه غروندبرغ مجرد بداية يتعين البناء عليها بزخم بحراك دبلوماسي وإجراءات عملية على الأرض، كي تتعزز الهدنة ويمكن تجديدها بعد انتهاء مهلة الشهرين.

ويبقى أن اليمن اليوم أمام فرصة يتعين ألا تضيع، لأن البديل لا يعني سوى الاستمرار في دائرة الاقتتال وتفاقم المآسي والكوارث على أنواعها.