من ربح الحرب في اليمن؟!

صالح الجبواتي
الاربعاء ، ٠٣ أغسطس ٢٠٢٢ الساعة ١٠:٤٢ مساءً
مشاركة

السعودية والإمارات فرضا واقعآ مشوهآ في اليمن وأوصلا هذا البلد العريق إلى الحضيض. أفعال السعودية والإمارات مع أفعال إيران في اليمن لا وجه للمقارنة بينهما، فحين قامت إيران بدعم الحوثي أستخدمت قبل كل شي الذخيرة الإيدلوجية ونفخت في الحركة الحوثية أمشاج وجينات التشيع وضمنت بهذا المسلك ولاء الحركة الحوثية ولاءًّ مطلقآ، ومن الناحية المادية لم تخسر عليهم الكثير في الحقيقة لا توجد معلومات محددة عن الدعم المالي الإيراني للحوثيين لكنها لن تصل بكل تأكيد لمئات الملايين من الدولارات وعوّض الحوثي نقص الدعم المالي الإيراني بالسيطرة على السوق وفرض الضرائب والأتاوات على اليمنيين بشكل لم يسبق له مثيل.

كسبت إيران حركة عقائدية مسلحة تسيطر على اليمن الأعلى وجزء من الساحل التهامي سيطرة مطلقة ترمي الصواريخ والمسيّرات على المدن السعودية كلعب الأطفال بـالمفرقعات والألعاب النارية (الطماش) حتى خضعت هاتان الدولتان وطلبتا التفاوض مع إيران وهما الآن في طريقهما لإعادة العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية معها بشكل كامل مع الإشارة إلى أن هنالك علاقة أمنية سرية بين الإمارات وإيران سنتطرق لها في سياق هذا المقال.

في المقابل قامت السعودية والإمارات بتحطيم كل القوى الوطنية الحقيقية التي كانت تقف قي وجه الحوثي عن قناعة وإيمان ودعمتا تيارات التشظي والتقسيم والتفكيك وأبرز من دعمت هاتان الدولتان وحولتهم من مليشيات خارجة عن سيطرة الدولة ومتمردة عليها إلى تسليمها مقاليد الدولة عصابات مناطقية رعتها وأنشأتها الإمارات بهدف تفكيك وتقسيم اليمن تمثلت في المجلس الإنتقالي الجنوبي، ثم المُستأجرون والمتاجرون ويمثل هؤلا مسلحو الحركة (السلفية) الذين أسموا بـ(العمالقة) والذين تديرهم الإمارات بالريموت كنترول من أبوظبي هم المُستأجرون من قبلها والمتاجرون بالدين مع الناس ليبرروا تحالفهم مع أبوظبي التي تتلقى بدورها أوامرها من الموساد الإسرائيلي، ثم هنالك طرف ثالث أصبح في عصمة أبوظبي ويضم بعض وأؤكد بعض وليس كل ممن كانوا يتبعون الرئيس اليمني السابق المرحوم علي عبدالله صالح وقد أنشأت لهم الإمارات كانتون صغير في المخاء.

قال لي أحد الأصدقاء من أعضاء مجلس النواب أنه قابل حسن زيد رئيس حزب الحق بعد إنقلاب الحوثي وكان زيد في رحلة للخارج فقال له زيد: كنا في زيارة إلى إيران مع وفد حوثي وقابلنا علي لاريجاني وكان يشغل حينها رئيس مجلس الشورى الإيراني وتطرق الحديث إلى أمور عدة حتى سُئل الرجل عن رأيه في الإنفصال

فرد: نحن نريد دولة تابعة لنا في الشمال ودولة أخرى صديقة لنا في الجنوب وعلى هذه الخلفية ظل التخادم بل والتنسيق بين الإنتقالي والحوثي قائمآ حتى اليوم مع العلم أن الإنتقالي وهو (جناح البيض+الجفري) في الحراك الجنوبي تأسس بأشراف جهاز إطلاعات (المخابرات) الإيراني وتلقوا دورات تدريبية في جنوب لبنان وزاروا طهران وفتحوا تلفزيون في بيروت وعيدروس الزبيدي أحد الذين تدربوا في جنوب لبنان وزار طهران مرات، ومعسكر الأزارق بالضالع الذي فتحه قبل الحرب كان مدعوم من إيران عبر الحوثي ولما أعلن عيدروس تأييده لعاصفة الحزم أعتبر الحوثيون تلك طعنة نجلاء في ظهورهم وشنوا معركة محدودة على كتائب عيدروس في الضالع، وعند أحتدام معركة عدن رفض الحوثي الإنسحاب رغم خسائره الهائلة إلا بعد أن أقنعه الإيرانيون بعد أن أتفقوا مع الإماراتيين أن عدن ستسلم لأيدي نثق بها وهكذا سُلمت عدن للمحافظ عيدروس وقائد الأمن شلال.

أفاق السعوديون على سيطرة ميدانية كبيره للإمارات في المحافظات المحرره ولم يكن لديهم من خيار غير مصادرة الجسم السياسي للشرعية وتحويلة لأداة بأيديهم تخدم مصالحهم وفي أحيان تفرمل التغول الإماراتي في اليمن كما حصل في سُقطرى في ٢٠١٨ بعد الإنزال العسكري الإماراتي الشهير ورفض بن دغر رئيس الوزراء حينها مغادرة الجزيرة حتى مغادرة القوات الإماراتية. تخلص السعوديون من كل الأصوات الوطنية في الشرعية وأستخدموا الرئيس هادي حتى أصبح عبئآ عليهم فجاءت قصة المشاورات في أبريل المنصرم والترتيبات السعودية التي فُرضت على الكل بإنتاج مجلس القيادة الرئاسي الذي تكون من زعماء المليشيات ولم يكن من بين أعضاء المجلس من ينتمي للشرعية وليس لديه مليشيا غير الشيخ سلطان العراده أما البقية زعماء مليشيات تديرهم خلية أمنية من العليميان رشاد وعبدالله وهذه الخلية تتبع مكتب الأمير خالد بن سلمان مباشرة.

نأتي الآن للأجابة عن السؤال العنوان(من ربح الحرب في اليمن؟!) أتحدث هنا عن الربح المرحلي أو التكتيكي وليس الإستراتيجي لأن الربح الإستراتيجي سيكون لليمن واليمنيين لكن الربح المرحلي كسبته إيران بالدرجة الأولى من خلال دعم الحوثي وتقويته وتحويله إلى دولة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الأعتراف الدولي بدون تقديم أي تنازلات سوى لليمنيين أو للسعودية والإمارات وذهبت عاصفة الخرم وأهدافها أدراج الرياح كما يقولون. ثم ربحت الإمارات بالسيطرة الميدانية عبر المليشيات التابعة لها من المخاء حتى حدود المهرة والآن تتوغل نحو الداخل بعد أن سُلمت لها شبوة وأصبح على مشارف وادي حضرموت. 

السعودية خرجت بخفي حُنين كما يقولون بأستثناء مجلس قيادة رئاسي هش وضعيف أصبح تحت الهيمنة الإماراتية في عدن عبر مليشيا الإنتقالي المناطقية وتتجلى هذه الهيمنة عبر تعيينات هذا المجلس الغير دستوري لعملاء الإمارات في مفاصل الدولة والمحافظات وما جرى من تعيين لمحافظ جديد لسقطرى مؤخرآ لأصدق دليل.

تحاول السعودية من ناحية أخرى بناء قوات سلفية تتبعها كما فعلت الإمارات وأسمتها بألوية اليمن السعيد وهو تقليد سخيف وساذج ومتأخر لن يُكتب له النجاح. النقطة الأخيرة تتلخص في حملة إيهام الناس بعودة المؤتمر الشعبي العام لبيع أمل كاذب وبودي أن أوضح للناس أن المؤتمر مات بموت صالح وما بقي منه مجموعات مصالح تتبع هذه الدولة أو تلك لا يُرجى منهم أي فعل حقيقي لخدمة البلاد في ظل وضعهم هذا.