من الأهمية الحفاظ على الصيغة التوافقية التشاركية التي عليها حكومة الكفاءات السياسية بشكلها الحالي وفقا لاتفاق الرياض، حيث وإن اتفاق الرياض أصبح اليوم ضمن مرجعيات الوفاق السياسي بين مكونات الشرعية.
وعندما نقول حكومة الكفاءات السياسية لا نعني برنامج عملها وخططها والتي هي بحاجة لمزيد من الجهود والتحديثات لمواجهة التحديات وتحقيق النجاحات على مختلف الأصعدة والمجالات وأهمها المجال الاقتصادي، ما نعنيه هنا هو أن جميع القوى السياسية ممثلة في الحكومة ومشاركة وإن بحدها الأدنى. وإن أي تغيير فيها يتعدى الحقائب السيادية التي خُص بها في الاختيار فخامة الرئيس، برأيي قد ينسف اتفاق الرياض تماما، وينسف الشراكة عمليا، ناهيك عن أن المعالجات التي نص عليها الاتفاق لحلحلة الإشكالات البينية لقوى الشرعية لم يستكمل تنفيذها وما زالت بحاجة للنفاذ.
الحكومة بصيغتها التشاركية حتى وإن كانت غير متكافئة بما فيه الكفاية لكنها ضمان حقيقي لتحمل المسؤولية الجماعية لمواجهة التحديات الكبيرة التي ليس أولاها الحرب مع الانقلاب واستعادة الشرعية والدولة والبلاد ولن يكون آخرها الالتزامات والمهام المناطة بعمل الحكومة في الخدمات وتثبيت سلطات الدولة وإعادة البناء للمؤسسات ومواجهة انهيار الاقتصاد، على أن تخضع الحكومة مجتمعة أو بشكل محدد للتقييم والمراقبة والمحاسبة لأوجه القصور والفشل والاختلالات بأنواعها.
وأيّا كانت المآخذ والملاحظات على شكل ووضع الحكومة القائم إلا أنها تشاركية، وبخلاف ما تم عليه تشكيل مجلس القيادة الرئاسي المؤكد في مرسوم إعلان نقل السلطة للمجلس الرئاسي أيضا على دعم وبقاء حكومة الكفاءات السياسية، والذي اعتمد في تشكيلته مبدأ التمثيل العسكري للقوى وحسب.
وفيما هي واضحة مهام الحكومة سلفاً، تُعنى قيادة المجلس الرئاسي بالملف السياسي والعسكري ومن صلب مهامها، إضافة إلى أنها معنية بشكل ملزم لإعادة صياغة الأهداف الفرعية للمرحلة تماشيا مع الهدف العام للقضية اليمنية الذي تُجمع عليه مختلف القوى وهو إنهاء الانقلاب واستعادة الوطن والدولة على كامل تراب الوطن كواجب وطني وأخلاقي وانساني على الجميع، ووفاء لكل التضحيات التي قدمها ويقدمها أبناء الشعب في كل سهل ومدينة وجبل.
إشكالية المجلس الرئاسي والتباينات الطبيعية باعتقادي حلها يكمن في لائحة عمل المجلس من خلال ضبطها وإقرارها عمليا لتحديد المهام بين الأعضاء ومع الآخرين، وذلك لكي لا تبقى الأمور بذات الشكل التي كانت عليه المرحلة الانتقالية بين هادي وباسندوة، لأنهم حينها تجاوزوا مسألة الآلية التنفيذية وتفصيل بنودها التي كانت من مهام الحكومة كما نصت المبادرة ولم يعملوا شيء.
كان ذاك الخلل جزء من المشكلة والانهيار والتنصل من المسؤوليات. وهو ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي من انسجام وتعاون ودعم والتزام بالصلاحيات والمهام المناطة بكليهما، لا السير في الازدواجية والضدية والارتجال في العمل والاختصاصات ليفشلا معا.