الجغرافيا والسياسة ورؤية الهلال من صنعاء إلى ميشيغان في الولايات المتحدة

د/شاكر الاشول
الاربعاء ، ٢٢ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ١٢:٠٩ مساءً
مشاركة

يستدل الكثير بالحديث النبوي "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤية..." فتفكر أنت كمسلم أن مقصد الرؤية هو التثبت من البداية الفعلية للشهر بالطريقة التي كانت ممكنة في ذلك الحين وهي رؤية الهلال بالعين المجردة، ثم يأخذك عقلك إلى قبول فكرة مادام أن الحسابات الفلكية يمكنها تحديد بداية الشهر فإنها اليوم أصبحت تغني عن الحاجة للانتظار إلى الليلة السابقة لبداية الشهر لمحاولة رؤية الهلال. وبينما قد تقبل أنت بهذه الفكرة هناك من يصر أن الرؤية يجب أن تكون بالعين المجردة أو على الأقل بالتلسكوبات وأن تتم في آخر ليالي شعبان لبداية رمضان، وآخر ليالي رمضان لإعلان تمامه.  

الاختلاف حول تحديد بداية رمضان ونهايته ليست جديدة في حياتنا، عشناها أطفالاً ونحن نستمع إلى المذياع ومن بعد ذلك إلى التلفاز ونحن نرقب اليمن تتبع إما دولة مصر أو المملكة العربية السعودية حسب الظروف والعلاقات السياسية التي كانت سائدة في تلك اللحظة. كعرب تعودنا أن ننقسم حسب الجغرافيا وبناءً على الأحلاف السياسية، وأحياناً بناءً على الخلافات الحدودية، وفي كل رمضان يتحسر المجتمع الإسلامي وهو يعلن فشله مرة أخرى بتوحيد بداي رمضان وبداية يوم العيد في حين أن ذلك في الحقيقة يعتبر مستحيلاً لإتساع رقعة الانتشار الإسلامي وفارق التوقيت.  

لكن ماذا يحدث في ميشغان؟  

قررت الكثير من المساجد في منطقة ديربورن أن تعلن أن يوم الجمعة الموافق ٢٤ إبريل هو أول أيام رمضان اعتماداً على الحسابات الفلكية وهو أمر يحدث لأول مرة ويعكس توجهاً مختلفاً وموازياً للكثير من المساجد والمراكز الإسلامية التي تعيش في أوروبا والتي تدعم استخدام الحسابات الفلكية العلمية لتحديد التقويم الهجري. وبالتالي فقد أضاف هذا الاختلاف بعداً آخر ليصبح ثنائي الأبعاد. فالبعد الأولى قومي، فبعض المساجد تصوم على صيام دولة غالبيتها، فالمسجد الذي يقصده اليمنيون يصومون على صوم اليمن، والباكستانيين يصومون على صوم باكستان، ثم يأتي بعد الرؤية باعتماد العين المجردة والحسابات الفلكية لترسم خطاً جغرافياً جديداً يضع منطقة ديربورن بغالبية مساجدها في جهة والكثير من مساجد هامترامك ومساجد أخرى في كفة أخرى تنتظر ليلة الخميس كي تعلن بداية الشهر باعتماد الرؤية المعتادة.  

ربما أننا نعطي الموضوع أكثر من حقه، وربما من الأجدى أن نقبل باختلافنا في مواقيت بداية شهر رمضان ونهايته كما نحاول أن نقبل باختلافاتنا الأخرى. قد يكون من المثالي أن يصوم المجتمع في وقت واحد ويفطروا في وقت واحد فذلك يحقق الوحدة التي نتحدث عنها دائماً ويكون أقل إرباكاً في بين المجتمعات الأخرى الغير مسلمة، لكن ليس ذلك مهم كثيراً. 

الأهم أن نقبل بأن نتوحد بقبول الاختلاف وبأن يقرر كل شخص ومسجد متى سيبدأ صوم الشهر وأي مقياس ومرجعية جغرافية، سياسية أو علمية.  

بالنسبة لي الحسابات الفلكية اليوم تعادل الرؤية، وهي أكثر من كافية، لكن خذوا فتواكم من أئمتكم ومشائخكم فهم الأكثر تأهيلاً وأحقية في أن يفتوكم.