أخبرتْ أنيتا هاول مديرها الأسبوع الماضي أنها ستأخذ إجازة غير مدفوعة الراتب لثلاثة أشهرٍ من وظيفتها أمينة صندوق في سوبرماركت، بسبب خوفها من فيروس كورونا. وتعاني السيدة البالغة من العمر ٤٥ سنة، وهي من سكان بورغيس هيل في ويست سوسيكس، ربواً مزمناً، وهي قيد التعافي من سرطان الثدي. في المقابل، لم تكن قلقة على صحتها وحدها، إذ يتناول زوجها سايمون أدوية قوية لكبت المناعة بعد عملية زرع كلية أنقذت حياته عام 2018. تعطى أدوية كبت المناعة بعد عمليات زرع الأعضاء بهدف عدم حدوث رفض من الجسم للعضو المزروع
وتخبرني هاول عبر الهاتف "لا نستطيع أن نعيش في فقاعة. وما زلنا نخرج من المنزل... لكنني أعتقد أنه عليّ اتّخاذ كل الخطوات الممكنة لتقليص خطر إصابتنا". ومثلاً، عندما خرجت هاول يوم الثلاثاء الماضي لشراء الطعام، أخذت معها مناديل مبلّلة لتنظيف عربة التسوّق وقارئ بطاقات الدفع قبل استعمالهما.
كذلك توقّف أفراد العائلة عن ارتياد الكنيسة. وأبلغوا مدرسة ابنهم أنهم قد يخرجونه منها قبل أن تفرض الحكومة على المدارس إغلاق أبوابها، لأنهم لا يستطيعون المخاطرة بإحضاره الفيروس إلى المنزل، حيث يمكث سايمون الذي أُدخل إلى المستشفى ثلاث مرات خلال السنوات الماضية على خلفية إصابته بحالة صدمة في الجهاز الدوري، ناجمة عن انتشار بكتيريا في الدم، ما يسمّى طبيّاً إنتان الدم ("سبتيسيميا" Septicemia) أو تعفّنه. (ملاحظة من المحرر... أُغلِقَتْ المدارس في المملكة المتحدة كلها في 20 مارس الحالي).
تشكّل عائلة هاول جزءًا من مجموعة كبيرة من الأشخاص في المملكة المتحدة يعانون مشاكل صحية تُسمّى "الأمراض غير المرئية"، ويشعرون بأنهم يواجهون خطراً أكبر من سواهم جرّاء انتشار فيروس كورونا، لكن لا يجري التعامل معهم على هذا الأساس.
حتى اللحظة، بلغ عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا حول العالم 200 ألف إصابة من بينها 3200 حالة في المملكة المتحدة شملت نادين دوريس، وزيرة الدولة لشؤون الصحة عن حزب المحافظين، مع 114 وفاة مؤكدة صلتها بكورونا. وذكرت معظم التقارير الإخبارية عن الوفيات عمر المريض و"الأمراض الصحية السابقة" باعتبارهما سبب الوفاة (إلى جانب الفيروس) لكنها لم تعطِ تفاصيل إضافية.
وفي ذلك الصدد، أشارت دراسة صغيرة أُجريت في الأيام الأولى لتفشي المرض في ووهان في الصين إلى أنّ المرجّح وفاتهم بسبب الفيروس هم الكهول (معدل أعمارهم 56 سنة) الذين يعانون مشاكل صحية شائعة كالسكريّ وارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب. ومع أنّ هذه النتائج تستند إلى بيانات محدودة (191 شخصاً في مستشفيين)، فإنها غير مطمئنة بالنسبة إلى من يعانون مشاكل صحية كالسكري (نسبتهم 6 في المئة من السكان في المملكة المتحدة) ومشاكل القلب أو الرئتين (7.4 مليون بريطاني) ومن يعانون ضعفاً في المناعة، وتشعر تلك الفئات كلها أنها أمام المجهول.
ونقلت هيئة "الصحة العامة البريطانية" إلى "الإندبندنت" أنّ سبب عدم الإفصاح عن مزيد من المعلومات لا يتأتّى من التجاهل، بل لأنه في الوضع الراهن "لا نرى انتشاراً موسّعاً لفيروس كورونا ضمن هذه الفئات الهشة في هذه البلاد". في المقابل، أصدرت الهيئة تحذيراً جاء فيه أنه "من المهم أن يدرك من تزيد أعمارهم على 60 سنة ومن يعانون مشاكل صحية مزمنة، أنهم أكثر عرضة للخطر من غيرهم".
ومع ذلك، لا تفرّق الإرشادات بين من يعانون من مشاكل صحية سابقة وبقية السكان بشكل عام. "ننصحهم ببذل كامل جهدهم لتفادي الاحتكاك عن قرب بكل شخص تظهر عليه علامات الإنفلونزا، وغسل أيديهم جيداً باستمرار. ويجب ألاّ يزور الأفراد الذين تظهر عليهم عوارض المرض كل أقاربهم من كبار السن"