دعت الولايات المتحدة جماعة الحوثي إلى وقف التقدم صوب مدينة مأرب التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، والمشاركة في الجهود الدولية الرامية للتوصل إلى حل سياسي للحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من ست سنوات.
وشددت وزارة الخارجية الأمريكية على أنه “يجب على الحوثيين وقف التقدم العسكري والامتناع عن أي أعمال أخرى مزعزعة للاستقرار، كما يجب عليهم الالتزام بالمشاركة البناءة في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة والجهود الديبلوماسية التي تقودها أميركا”.
واعتبرت ان الهجوم “هو عمل جماعة غير ملتزمة السلام أو بإنهاء الحرب التي ابتلي بها شعب اليمن”.
في السياق، حذّر منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك في تغريدة على “تويتر”، أمس، من أن “أي هجوم عسكري على مأرب سيضع ما يصل إلى مليوني مدني في خطر وينتج عنه نزوح مئات آلاف، الأمر الذي سيؤدي الى عواقب إنسانية لا يمكن تصورها، لقد حان الوقت الآن للتهدئة، وليس لمزيد من البؤس للشعب اليمني”.
ويشنّ الحوثيون منذ أكثر من عام حملة للسيطرة على المدينة تكثّفت في الأسبوعين الأخيرين.
وحققوا خلال الساعات الماضية تقدماً جديداً نحو المدينة الواقعة على بعد 120 كلم شرق صنعاء الخاضعة لسيطرتهم، إثر معارك مع قوات الجيش الوطني.
وقالت مصادر عسكرية في تصريح خاص لـ”الميدان اليمني”، أن مليشيات الحوثي حققت تقدم ميداني في مديرية صرواح غربي محافظة مأرب وسيطرت على معسكر كوفل وسط معارك عنيفة خلفت عشرات القتلى من الطرفين في الساعات الماضية.
من جهتها، أفادت مصادر ميدانية بأن مليشيا الحوثي سيطرت بشكل كامل على قرية الزور في مديرية صرواح بمأرب.
وأضافت أن معارك عنيفة لا زالت مستمرة بين المليشيات وقوات الجيش الوطني المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية قرب جبل البلق في صرواح في محافظة مأرب.
ولفتت إلى أن المليشيات الحوثية وصلت إلى سد مأرب التاريخي بعد سيطرتها على قرية الزور باتجاه الطلعة الحمراء بعد معارك عنيفة.
وأكدت مصادر “الميدان اليمني” أن المعارك الدائرة بين الحوثيين وقوات الجيش الوطني في مأرب شرقي البلاد، خلفت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين خلال الساعات الأخيرة.
من جهتها، نقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر عسكري يمني، إن “الحوثيون تمكنوا من التقدم غرب وشمال مأرب بعد سيطرتهم على منطقة الزور وصولاً إلى الجزء الغربي من سد مأرب وإحكام السيطرة على تلال جبلية تطل على خطوط إمداد لجبهات عدة”.
وأفاد مسؤولان عسكريان على الأقل في قوات الجيش الوطني بأن الحوثيين دفعوا بـ”أعداد كبيرة” من المقاتلين، وشنوا هجمات من عدة جهات على مأرب الاستراتيجية والغنية بالنفط في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وأشارت الوكالة إلى أن المعارك متواصلة وسط غارات مكثفة يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية في مسعى للحيلولة دون سقوط مأرب الغنية بالنفط، لافتة إلى أن هذه المدينة تعد “محمية سعودية” استثمرت فيها المملكة بشكل كبير.
وتشهد مدينة مأرب حالة استنفار عام مع دعوة قوات الجيش الوطني القبائل لدعمها. بالتزامن مع دعوات أطلقها أئمة مساجد في المدينة القبائل للمشاركة في قتال الحوثيين.
وكشفت الحشود وسير المعارك أن الأوضاع هذه المرة تتجه للحسم لصالح أي من أطراف الصراع، حيث أن الحل السياسي ينتظر نتائج تلك المعركة.
ويسعى الحوثيون للسيطرة على مأرب قبل الدخول في أي محادثات جديدة مع الحكومة الشرعية المعترف بها، خصوصا في ظل ضغوط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للدفع باتجاه الحل السياسي.
وإذا ما سيطر الحوثيون على مأرب، سيصبح شمال اليمن بكامله تحت سيطرتهم، ما سيمثل ضربة موجعة للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية منذ آذار/ مارس 2015، خاصة وأن المدينة كان ينظر إليها كـ “محمية سعودية” استثمرت فيها المملكة بشكل كبير في محاولة لجعلها نقطة الاستقطاب الوحيدة للأعمال في البلد الغارق في الحرب.
كما ستخسر الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً جزءا كبيراً من صورتها كنظير مساوٍ للحوثيين في محادثات السلام، وفق مراقبين.
وأسفر النزاع منذ 2014 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، بحسب منظمات دولية، بينما بات ما يقرب من 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليونا يعتمدون على المساعدات، في أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.