كتب الطيار مقبل الكوماني كلمات ممزوجة بالحزن على الشهيدين القائد عبدالغني شعلان والقائد نوفل عاطف ووجه رسالة مهمة هذا ما جاء فيها
،، شعلان وعاطف…القائدين اللذين سقطا إلى السماء.
الفيس وكل مواقع التواصل الاجتماعي تعجّ بصور هؤلاء القائدين منذ البارحه … زميليّ اللذين تخرجت معهم سويا من كلية واحده هي كلية الطيران والدفاع الجوي،
زميليّ اللذين قضينا مع بعض أجمل أيام عمرنا في روتين واحد يجمعنا..
في البداية حاولت تجنب كتابة أي منشور نعي بحقهما ولكن صدقوني لم أستطع ذلك حيث أن النار تستعر في داخلي منذ البارحة، والحزن يمزق قلبي وأحشائي منذ سماع خبر رحيلهم الذي لا زال يقتلني حتى الآن..
صدقوني تجنبت ذلك لأني شخص جباااان أو بالأصح هناك أشخاص عزيزين على قلبي هم من جعلوني جبانا كل هذا الحد..
قبل عام تقريبا كتبت تعهدا ووقعت وبصمت عليه بعدم كتابة أي منشور ضد او يزعج حكومة وسلطة صنعاء، بل أيضا عدم عمل اي إعجاب على أي منشور ضدهم،
وبالفعل التزمت بذلك التعهد الذي بصمت عليه، واصبحت صفحتي من ذاك التاريخ خالية من أي منشور ينتقدهم كما ترون ولو حتى بكل عبارات الأدب والنقد البناء ،
لكن حالي منذ البارحة غير وانا أشاهد صور زميليّ تملأ كل مواقع التواصل، حاولت مرارا أن اشيح بوجهي بعيدا عن أعين زملائي شعلان وعاطف وهم الذين ينظرون نحوي بكل مشاعر الدهشة والاستغراب وأنا أسمع ألسنتهم تخبرني من وراء شاشة جوالي قائلين معقووول يا كابتن مقبل أيها الزميل النبيل تصل بك درجة الجُبن والخوف إلى هذا الحد؟ لدرجة انك تستخسر نعي زميليك ولو حتى بكلمتين على صفحتك؟ صدقوني حاولت دس وجهي واخفاؤه بعيدا عنهم لكنني لم أستطع فصورهم وكلامهم يطاردني كالشبح منذ يوم أمس.. حاولت أن اخبرهم وأخبر كل من راسلني قائلا لماذا لا تكتب عن أصدقائك الذين رحلوا يا جباااان؟ … قبل قليل ارسلت برسالة تعزية على إستحياء كما يفعل كل جبناء العالم أرسلتها على الخاص إلى اخو القائد عبدالغني شعلان وكذلك ابن عمه..
رسالة يملؤها الذل والجبن والخوار قائلا لهم بعد أن عزيتهم اعذروني عن عدم كتابة اي بيان نعي للشهيدين في صفحتي وذلك بسبب دموع زوجتي وخوفها الذي رأيته تلكم الليلة عندما أتى ضابطين يتبعون استخبارات القوات الجوية في صنعاء منتصف الليل تقريبا وخيروني بين كتابة ذاك التعهد وبين السجن.. حينها اخترت السجن في البداية ودون أي تردد،
اي والله واقسم لكم على كل المقدسات أنني اخترت السجن عن تقييد حريتي وتكميم فاهي… لكن سرعان ما تراجعت عن قراري ذلك واخترت كتابة التعهد، وخاصة عندما رأيت دموع زوجتي والخوف الذي اعتراها تلك الليلة عندما علمت ان الضابطين جاءوا لاعتقالي، حينها تنازلت عن حريتي عندما رأيت وتذكرت زوجتي التي لا يوجد لديها أحد في هذا العالم يرعاها سواي، فلا ولد ولا تلد لدي كما تعلمون، وتذكرت أيضا العهد الذي قطعته على نفسي بعدم كتابة اي منشور ضد او يزعج سلطة صنعاء لأعز الناس لدي في الدنيا وهم اخي الذي لم تلده أمي علي الذماري ووالده ووالدته اللذان يعتبران مقام أبي وأمي اللذين ارسلهما الله لي كاجمل هدية ورحمة بعد وفاة والدي ووالدتي رحمة الله عليهما..
لذا وقبل أن أنعي زميلي الشهيدين شعلان وعاطف أقول لسلطة وحكومة صنعاء إعطوا هذا الجبان فرصة أخيرة ليتكلم عن قائدين ورجلين شجاعين من أشجع وانبل رجال وقادة اليمن، إعطوه فرصة أخيرة ليخبركم عن إثنين من أشجع خصومكم، ليخبركم بأن تفخروا اولا بأن هناك خصم شجاع يواجهكم مهما أختلفتم معه، هذا إن كنتم قادة حقيقون ورجال حرب حقيقين، نعم تفاخروا بذلك فالقائد الصح والحق والشجاع هو من يفخر انه يواجه خصما وقائدا شجاع مثله.. نعم هكذا تقول قوانين المعارك فالشرف والفخر هو في مواجهة خصم شجاع أما الخصم الهامل من يحمل كل صفات الهميلة فلا شرف في قتاله،
نعم يا حكومة وسلطة صنعاء، إعطوا الجبان مقبل الكوماني فرصة أخيرة ليخبركم عن خصمكم النبيل والشجاع مهما أختلفتم معه، وإن لم تعطوه هذه الفرصة الأخيرة فأحب ان اقول لكم خذوه أنى شئتم وزجوا به في معتقل من معتقلاتكم او ارموه إلى الجحيم…
فقد قرر الجبان ان يتكلم وينعي زملائه الأبطال ولتكن عواقب ذلك ما كانت وما ستكون،
الاتصال الاخير مع القائد نوفل عاطف :
أثناء عودتي من رحلتي العلاجية في القاهرة وعند وصولي إلى نقطة الفلج التابعة لقوات الأمن الخاصة بمأرب، جنب الباص بعد أن طلب ذلك الخدمة، فوق الباص صعد أحد افرأد قوات الأمن الخاصة وطلب بطائق وجوازات سفر كل الركاب الذين كانوا على متن الباص القادم من سيؤون وانا أحدهم،
بعد فترة لا تتجاوز الخمس الدقائق قام العسكري بارجاع جميع بطائق وجوازات سفر الركاب ماعدا جواز سفري أنا ظل عندهم.. بعد ربع ساعة من الانتظار قالوا لي الركاب انزل خذ الجواز حقك ولا تؤخرنا… نزلت ولكن دون جدوى فقد كان هناك زحمة من الناس امام الدشمة التي يجلس فيها مساعد النقطة..
مرت نصف ساعة تقريبا حينها قلت لسائق الباص اتوكل على الله وانا سأنزل انا وزوجتي وحقائبنا فلا اريد تأخيركم بسببي ويبدو ان هناك إشتباه حولي لدى افرأد النقطة، ولكن سائق الباص طلع راجل صاحب نخوة وقال لي والله ما نتركك لو كلفنا الأمر بالمبيت هذه الليلة هنا في النقطة،
بعد أن خفت الزحمة لدى مساعد النقطة ذهبت اليه لاستفسر منه سبب تأخيري، في الدشمه وجدت ثلاثة افرأد لا يتجاوزون سن الخامسة والعشرين وهم بكامل هندامهم العسكري وقيافتهم العسكرية خالية وجناتهم من اي مظاهر للقات في منظر غاية في الروعة والفخر الذي يبعث بالفخر والاعتزاز لكل من يراهم ويبعث بالأمل لكل من يراهم بإن خلف هؤلاء الجنود قيادة عسكرية حقة تحمل كل معاني الروح العسكرية مهما أختلفتم معها… لم يكن هذا فحسب
الأجمل هو ملامحهم وطريقة تعاملهم واستجوابهم الأمني اللطيف الذي يحصلون فيه على مبتغاهم وكل المعلومات الشخصية عن أي شخص يقف أمامهم مهما كان ذكائه ومهما حاول التهرب،
وهو يقلب جواز سفري بين يديه سألني أين تعمل؟ فحاولت التهرب وعدم إظهار معلوماتي الحقيقية ولكن سرعان ما فضحني بدهائه ذاك الشاب الصغير في العمر والذي لم تنبت بعد اي شعرة على لحيته، فقلت له في الارصاد الجوية بصنعاء؟ فابتسم ابتسامة خفيفة وقال طالما انت في الأرصاد الجوية لماذا لا يسفروك عبر اي طائرة من الطائرات التي تقلع من مطار صنعاء؟ حينها تلعثمت ولم أعلم ما ارد عليه، فقلت له احنا مساكين ولسنا قادة،
فابتسم مرة أخرى وعليه كل مظاهر الهيبة ويشهد الله انه كان يشبه في ملامحه وذكائه ذاك كأنه احد اهم رجال ال سي آي إيه الأمريكية او اهم رجال الكي جي به الروسية،وقال لي أين بتشتغل يا فندم مقبل؟
يشهد الله اني لا ابالغ إن قلت لكم ذلك وإن منظر وتعامل ذاك الفرد بتلك الاحترافية العالية جعلتني أفخر كثيرا وبعثت في نفسي الكثير من الأمل بأنه لا زال هناك جيش وأمن حقيقي وبإحترافية عالية سواء اختلفنا معه أو مع قادته ففي الاخير سيبقى هؤلاء الأفراد ملكا لليمن فقط، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على القيادة التي تقف خلف هؤلاء وعلى رأسهم القائد شعلان ونائبه الصبري وعملياته نوفل عاطف،
حينها لم أجد حيلة امام ذكاء ودهاء ذاك المساعد الصغير الا الاعتراف له بكل شي عني وعن عملي
سيرحل جميع القادة كما رحل شعلان وعاطف ويبقى هؤلاء الأفراد كأجمل بصمة لهم يفاخر بها اليمن وشعبه،
قلت لكم لم أهم التأخير بقدر ما افرحني الروح العسكرية والذكاء العالي لأولئك الأفراد،
حينها طلب مني الخدمة رقم تلفوني فقلت له لماذا؟ فقال لا أعلم. وبعد أن أعطيته رقمي بقليل أتاني اتصال من الزميل المرحوم نوفل عاطف الذي كان يشغل رئيس عمليات قوات الأمن الخاصة بمأرب،
وقد اتصل بي بعد أن بلغه مساعد النقطة بعد أن اعترفت له بكل معلوماتي الحقيقية،
فقال لي نوفل عاطف :اخي مقبل كيف حالك والحمد لله على السلامة،؟ فقلت من معي عفوا؟ فقال زميلك نوفل عاطف… فقلت حياك الله اخي نوفل وبعد أن دار الحديث بيننا عن رحلتي وعلاجي في مصر قال لي الأخ نوفل انا بالعاني طلبت من مساعد النقطة تأخيرك وأخذ جواز سفرك حتى آتي إليك واخذك فنحن مشتاقون لك جدا وفي انتظارك انا والأخ القائد والأخ الأركان، يقصد زميلي شعلان وعبدالله الصبري.. واكمل حديثه قائلا… وأنا متحرك الان لأخذك بسيارتي من النقطة… فقلت له اعذرني اخي نوفل فالعائلة معي وتعبانين ولا أستطيع التأخر وتابعت مازحا معه وأخشى كذلك من البصاصون والعسس إذا رأوني معاكم فقد اصبحتم شبهه وعدو كبير لدى أولياء الله وانا اسكن في صنعاء وما فيني حاله للحبس…فانفجر من الضحك نوفل عاطف وقال معقول إلى هذا الحد يا جباااان…؟ قلت له اقسم بالله ان لكم وحشه وللجلوس معكم لكن اعذرني لان العائلة معي… وعلى مضض وبالكاد قبل عذري ذاك الأخ نوفل عاطف… وليتني قبلت عزومته تلك بعد أن وصلني اليوم خبر رحيله مع القائد شعلان، لكن مشيئة الله فوق كل شيء.. وهذا ما لا زال يحز في نفسي حتى الآن لاني لم أستطع رؤيتهم للمرة الأخيرة منذ عشرين عام وهو لقائنا الأول في الكلية الذي لم ارهم بعده قط…
تقبل عذري الأخ نوفل عاطف وبعد أن ابلغته إيصال تحياتي وعذري للأخ شعلان والصبري قلت له عن ذلك الموقف الذي أثلج صدري من تصرف وتعامل وحنكة افراد القوات الخاصة في مأرب ودعوت لهم بالنجاح والحفاظ عليهم وعلى الاستمرار في هكذا تأهيل لهؤلاء الجنود لأنهم اولا واخيرا مكسب للوطن والبلاد وليس مكسبا لأحد مهما كانوا محسوبين على أي طرف في الأخير سيحسبون على اليمن وسيبقون بصمة حسنة وخالدة لكل قادتهم الذين رحلوا اليوم
فألف رحمة ونور على أرواحكم الطاهرة يا صديقيّ شعلان وعاطف… رحلتم وبقيت بصماتكم التي سيخلدها التاريخ.. مقبل الكوماني ،،