أثار انتشار وباء كوفيد-19، "عدو البشرية"، بحسب تعبير منظمة الصحة العالمية، تعبئة عامة في العالم وخطابا هجوميا تجاه فيروس "نحن في حرب" معه، على حد قول الرئيسبن، الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون.
ينتشر الفيروس أساسا عن طريق التنفس، إنما كذلك عبر التواصل الجسدي، ما يعني أن خط الجبهة غالبا ما يكون في أغراض حياتنا اليومية.
في ما يلي جولة على "الأعداء الداخليين"، من زر المصعد إلى المرحاض، إضافة إلى الأغراض التي قد تكون موضع شبهات هي في الواقع بريئة منها
تقول الباحثة في مختبر لويد سميث التابع لجامعة كاليفورنيا، أماندين غامبل، إن "أي غرض أو سطح تمت ملامسته أو تلويثه بالسعال أو قطرات اللعاب أو الفضلات البشرية، يمكن أن يكون معديا".
وأظهرت دراسة نشرت الأسبوع الماضي في مجلة "نيجم" الأميركية، التي ساهمت غامبل في إعدادها، أنه يمكن رصد فيروس كورونا المستجد على أسطح البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ لفترة يومين أو ثلاثة أيام، وعلى الورق المقوى، (الكرتون)، حتى 24 ساعة.
غير أن هذه البيانات تم الحصول عليها في ظروف اختبارية، ومن غير المؤكد أن تكون كمية الفيروسات المتبقية كافية لنقل العدوى
وأوصت الباحثة بالذر في المقام الأول "من الأغراض والسطوح التي يمكن أن يلامسها عدد كبير من الأشخاص، مثل طاولات المقاهي والقضبان المعدنية في وسائل النقل المشترك، ومقابض الأبواب، وأزرار المصاعد، والمفاتيح الكهربائية في المساحات المشتركة".
وتابعت "بما أنه ليس ممكنا أن نتفادى بشكل تام ملامسة هذه الأغراض والأسطح (بالنسبة للذين يقطنون في مبان مثلا، أو عند الخروج للتبضع)، فمن المهم أن نغسل أيدينا ونتفادى ملامسة وجوهنا لتجنب العدوى، وأن نغطي أفواهنا بباطن أكواعنا عندما نسعل، أو بمنديل عندما نعطس، حتى لا ننقل العدوى إلى الآخرين".
وأوضح عالم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا، براندون براون، أن العدو الأول هو "الأغراض التي نستخدمها في الخارج ونعيدها إلى الداخل".
وقال "في المتاجر، قد نخرج محفظتنا بعدما نكون لامسنا أسطحا أو أغراضا أخرى (ملوثة)، لنخرج نقودا أو بطاقة أو وثيقة هوية، وكل هذا قد يتعرض" للتلوث
ليس من المستبعد أن ينتقل فيروس كورونا المستجد كذلك عن طريق الفضلات البشرية، وهذا ما ورد في دراسة أجراها باحثون صينيون ونشرتها صحيفة "نايتشر" في 13 مارس.
فقد رصد الباحثون آثارا للفيروس في عينة مستخرجة من عملية مسح شرجيّ لأطفال.
وقالت غامبل "إذا ثبت تلوّث الفضلات، فعندها سيترتب أخذ الحيطة من المراحيض أيضا، ما قد يبدو غير منطقي بالنسبة لمرض تنفّسي، غير أنه سبق أن لوحظ في الماضي" مع فيروس كورونا الذي تسبب بوباء سارس في 2002-2003.
غير أنه لم يعرف بعد إن كان الفيروس الذي رصدته الدراسة لا يزال في حالة تمكنه من نقل العدوى، وهو ما لا يمكن التثبت منه إلا من خلال زرعه.
الهاتف الجوال أيضا، الذي يلازمنا باستمرار، قد يكون طابورا خامسا. وفي هذا الصدد قال براون "إننا نستخدم هواتفنا الجوالة طوال النهار، سواء كنا في المنزل أو في العمل (...) أو نتسوق في المتاجر. وهذا ما يجعله معرضا للغاية" للفيروس
كن أستاذ علم الأحياء الحسابي في جامعة كوليدج لندن، فرنسوا بالو، أبدى رأيا مخالفا، إذ قال إن تعقيم الهواتف الجوالة "لن يكون مضرا، لكنني لا أرى كيف يمكن لتعقيمها أن يحمينا أو يحد من انتشار كوفيد-19، ما لم نكن نشاطر هواتفنا الجوالة مع آخرين".
يمكن الاشتباه بأن لوحة مفاتيح الكمبيوتر ملوثة بالفيروسات إذ يتم استخدامها يدويا، ولا سيما أنها مصنوعة من البلاستيك ولديها الكثير من الزوايا.
لكن بعض الباحثين يعتبرون أنها لا تلعب إلا دورا ضئيلا، أو لا تلعب أي دور على الإطلاق في نقل الفيروس، إذا ما افترضنا أن مستخدمها، وهو في غالب الأحيان المستخدم الوحيد لها، يغسل يديه عند وصوله إلى منزله أو إلى مكتبه.
ولفت براندون براون أيضا إلى أن مياه الصنبور والأطباق الساخنة آمنة للاستهلاك، خلافا للاعتقاد السائد.
وقال "إن مياه الصنبور تخضع للمعالجة والتنظيف بشكل مركزي، وهي لا تشكل خطرا في ما يتعلق بكوفيد-19".
أما بالنسبة للأطعمة، فأوضح "إن كانت المأكولات غير المطهية التي تشترونها ملوثة بالفيروس، فسوف يموت الفيروس بعد الطهي".