مع اشتداد المعارك العنيفة بين قوات الحكومة اليمنية والحوثيين في مدينة مأرب شمالي البلاد تواردت معلومات بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وسائل إعلام، تفيد بوصول دفعة من طائرات "بيرقدار" التركية المسيرة إلى اليمن، "بعد اتفاق تركي- سعودي لمواجهة الحوثي".
هذه المعلومات وحسب ما رصد موقع "الحرة" في الساعات الماضية روّج لها ناشطون أتراك وآخرون يمنيون البعض منهم محسوب على الحكومة والقسم الآخر على الحوثيين، في حين لم يصدر أي تعليق رسمي من الرياض أو أنقرة لتوضيح ذلك.
وفي المقابل هناك شريحة لناشطين أتراك اتجهوا بالتزامن مع ما سبق للحديث عن إمكانية إبرام صفقة بين السعودية وتركيا بشأن الاستحواذ على الطائرات المسيّرة "بيرقدار"، والتي كانت قد أثبتت كفاءتها العسكرية في ساحات حروب عدة، أبرزها في سوريا وليبيا وناغورنو قره باغ في منطقة القوقاز.
وربط الناشطون الأتراك حديثهم السابق مع التقارب الأخير الذي شهدته العلاقة بين البلدين، في ديسمبر 2020، وما تبع ذلك من تحركات صبت بمجملها في إطار التهدئة بعد سنوات من القطيعة والتدهور في العلاقات، السياسية والدبلوماسية.
لماذا الآن؟
لم يأت الحديث الحالي عن طائرات "بيرقدار" عن عبث، بل قد يكون له دلالات وأبعاد حسب مراقبين، خاصة في التوقيت الحالي، والذي تشهد فيه الجبهات الشمالية لليمن معارك عنيفة، بعد إطلاق الحوثيين المدعومين من إيران هجوما واسعا باتجاه مأرب، آخر معقل للقوات الحكومية المدعومة من تحالف بقيادة السعودية.
ومنذ 2014، يشهد اليمن حربا بين الحوثيين والقوات الموالية لحكومة الرئيس المعترف به دوليا، عبد ربه منصور هادي، بدأت مع شنّ الحوثيين هجوما سيطروا على إثره على العاصمة صنعاء. كما سيطروا على أجزاء واسعة من شمال اليمن.
وسيشكل سقوط مأرب الغنية بالنفط والغاز لو حصل في المرحلة المقبلة، ضربة كبيرة للحكومة اليمنية وحليفتها السعودية، وفي موازاة معركة مأرب كثف الحوثيون عمليات إطلاق الصواريخ وهجماتهم بالطائرات المسيرة في اتجاه الأراضي السعودية، وعلى المنشآت النفطية.
وكان الحوثيون أعلنوا الأحد شن هجمات على السعودية بـ 14 طائرة مسيرة وثمانية صواريخ بالستية، بينما قالت الرياض إن التحالف بقيادة السعودية اعترض صاروخين بالستيين أطلقهما الحوثيون باتجاه مدينة جازان بجنوب المملكة، إضافة إلى اعتراض 12 طائرة مسيرة عن بعد.
مسيرة بيرقدار التركية
"كاريال وليس بيرقدار"
محلل صناعة الدفاع التركي، يوسف أكبابا يقول إن الخبر الذي تم تداوله حول وصول طائرات "بيرقدار" على اليمن لمواجهة الحوثيين، لا أساس له من الصحة.
ويوضح أكبابا في تصريحات لموقع "الحرة" أن الطائرات المسيّرة المشاركة من قبل السعودية في حرب اليمن هي من نوع "Vestel Karayel-SU".
ويشير "شاركت تركيا نظام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR) لفترة قصيرة".
وأكد أكبابا أنه وحتى الآن لا يوجد أي مشاركة لـ"بيرقدار" في معارك شمال اليمن.
بدوره قال مصدر إعلامي مقرب من الحكومة التركية، ويقيم في أنقرة ردا على سؤال يتعلق بصحة مشاركة الطائرات المسيرة "بيرقدار" في اليمن: "يبدو الأمر مستحيلا وبعيد".
ويؤكد المصدر الذي تحدث إليه موقع "الحرة": "هذا الأمر مستحيل في الوقت الحالي".
"صفقة سابقة"
وبالعودة إلى حديث محلل صناعة الدفاع، يوسف أكبابا فقد كانت المملكة العربية السعودية قد استحوذت، مطلع عام 2020 على عقد من شركة "فيستل" للصناعات الدفاعية التركية.
العقد تقدر قيمته بحوالي 200 مليون دولار، وجاء في إطار التصنيع المشترك للطائرات المسيّرة "متوسطة الارتفاع" من طراز "كاريال"، ونقل التكنولوجيا الخاصة بها. هي طائرة تعرف محليا باسم "هابوب".
ويمكن لطائرة "كاريال" حمل أسلحة بوزن حتى 190 كيلوغراما، إضافة لحمولة معدات الاستطلاع الكهروبصري ورادار رسم الخرائط، ويمكن للطائرة البقاء في الجو حتى 20 ساعة والتحليق بارتفاع حتى 6850 متر تقريبا، ومدى يبعد عن محطة التحكم حتى 200 كيلومترا.
"إسقاط ووعيد"
في سياق ما سبق أعلن المتحدث باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع، في السابع من مارس الحالي أن "الدفاعات الجوية" تمكنت من إسقاط طائرة تجسسية مقاتلة من نوع "كاريال تركية الصنع".
وأضاف سريع عبر "تويتر": "الطائرة تابعة لسلاح الجو السعودي، وأسقطت في أثناء قيامها بمهام عدائية في أجواء منطقة المرازيق في محافظة الجوف. تمت عملية الاستهداف بصاروخ مناسب لم يكشف عنه بعد".
في المقابل أشار مسؤولون يمنيون، منذ أيام إلى إمكانية حدوث تغيير في المعادلة العسكرية في الأيام المقبلة.
ونشر عضو مجلس الشورى اليمني صلاح باتيس تغريدة، في 7 من مارس الحالي قال فيها: "لو يعلم الحوثي ما ينتظره في الأيام المقبلة لطلب الأمان واستسلم فورا فذلك أيسر له".
وأضاف باتيس: "لو يعلم من يقاتلوا معه لتركوا السلاح وانفضوا عنه وعادوا إلى بيوتهم وأهليهم. فقد تغيرت المعادلة رأسا على عقب".