لا تزال صحراء الجزائر تفشي أسرار كوننا الفسيح المخبأة في النيازك القادمة من أعماقه، آخرها كان نيزك عرق شاش 002 الذي تم العثور عليه في مايو/آيار 2020 بمنطقة عرق شاش بولاية أدرار جنوب غربي الجزائر، والذي أصبح محل دراسات عالمية بعدما اتضح أنه أقدم حجر قادم من خارج كوكب الأرض.
وحسب الدراسة الصادرة في الدورية الأميركية بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمية أوف ساينسز Proceedings of the National Academy of Sciences (PNAS) في عدد مارس/آذار الجاري، فإن عمر هذا الحجر يعود لأكثر من 4 مليارات سنة، أي أنه أكبر من أقدم نيزك تم العثور عليه لحد الآن بمليون سنة، وهو فوق ذلك لا يشبه في تركيبته التي يغلب عليها مادة الصوديوم أي نيزك.
النيزك "الزمرد"
ويبدو حسب الدراسة أن هذا النيزك يحمل الكثير من الصفات والميزات التي تجعله فريدا من نوعه، فهو قادم من كوكب صغير كان في طور النمو ولم يكتمل، لأنه اصطدم بكويكب آخر وبذلك فهو يعتبر دليلا ماديا على وجود هذا الكويكب في وقت سابق.
وقام الباحثون بتصنيف هذا النيزك ضمن زمرة النيازك النارية التي يبلغ عددها حسب أرشيف النيازك العالمي 3179 نيزكا، لكن هذا النيزك يحمل صفات لم ير العلماء مثلها من قبل.
يقول الخبير في علم الكون، الجزائري شارف شابو من جامعة سطيف، الذي كان من بين الأوائل الذين تحدثوا عن هذا النيزك في تصريح عبر الهاتف للجزيرة نت "كنت من بين الأوائل الذين تحدثوا عن هذا النيزك في يوليو/تموز الماضي، وهو آخر نيزك تم العثور عليه في الجزائر، وقد قلت آنذاك أنه يحمل الكثير من الأسرار".
وأضاف شارف شابو الذي يعتبر من أبرز المختصين في النيازك بالجزائر، أن هذا النيزك سمي بالنيزك الزمرد لأنه غني بنوع من معدن أخضر اللون، وقد تم تصنيفه سريعا في الهيئة العالمية للنيازك في يوليو/تموز 2020، وهو من أكبر النيازك حجما التي تم العثور عليها في الجزائر حيث يزن 30 كلغ.
نيزك عرق شاش يميل لونه إلى الأخضر ويسمى النيزك الزمرد (إيه إيرفنج-معهد القمر والكواكب)
معلومات استثنائية
من جهتها، قالت الباحثة المغربية حسناء الشناوي من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في تصريح عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت "المعلومات التي استخلصها العلماء من هذا النيزك تعتبر استثنائية ومهمة جدا، وهي تؤكد مجددا أن هذه الصخور لها أهمية قصوى على المستوى الدولي في تقدم معارف علم الكواكب".
وفي سؤال حول غياب الباحثين العرب عن فرق البحوث العلمية الدولية خاصة من الدول التي تم العثور فيها على مثل تلك الصخور، قالت محدثتنا "ليست هناك قيود على المخابر العالمية لإشراك باحثين أجانب".
مضيفة أن "ما يجب أن يحدث هو العكس، الباحثون من الدول التي يتم فيها العثور على هذه الصخور، مطالبون بتنمية مهاراتهم البحثية وفرض أنفسهم. فمعايير البحث العلمي في العالم معروفة، ومخابر البحث لا تشرك ضمن فرقها من الأجانب إلا المتفوقين".
عرق شاش منطقة صحراوية بالجزائر تم العثور فيها على الكثير من النيازك (الفرنسية)
إلا في الجزائر
في سياق متصل، أثار الباحث شارف شابو مجددا إشكالية وصول مثل هذه النيازك إلى المخابر العالمية وبطرق غير مشروعة، حيث قال "عند الإعلان عن العثور على هذا النيزك وتصنيفه في الهيئة العالمية للنيازك، كان قد تفرق بين الكثير من مخابر العالم، وأنا أتوقع أن دراسات أخرى عنه ستصدر مستقبلا".
وأضاف شابو "وحسب معلوماتي، هناك 5 مداخلات بخصوص هذا النيزك سيقدمها أحسن الباحثين في العالم في هذا المجال خلال الندوة الـ 52 لعلوم الكواكب التي ستعقد من 15 إلى 19 مارس/آذار الجاري بمدينة هيوستن الأميركية".
وخلص محدثنا يقول "رغم أن حجم هذا النيزك كبير حيث وصل إلى 30 كلغ، فإننا لا نملك منه في الجزائر شيئا".
المصدر : الجزيرة