تاريخ الحلويات.. من قصور الملوك إلى أيادي الفقراء

قبل 3 سنة | الأخبار | منوعات

إذا كنت تتناول الحلويات بشتى صورها كنوع من المكافأة بعد يوم عمل طويل أو وجبة شهية أو كوب شاي ساخن، فاعلم أنك تنتمي للأجيال سعيدة الحظ، ذلك لأن الحلويات بصورتها الحالية لم يعرفها القدماء.

يصارع الناس منذ عصور ما قبل التاريخ للهجوم على أعشاش النحل للحصول على العسل، الذي كان فيما يبدو عنصر البهجة في حياة القدماء، بحسب مؤرخ الحلويات تيم ريتشاردسون.

مزج القدماء المصريون العسل بالفواكه والمكسرات لصناعة حلوى مميزة لا يأكلها سوى الملوك والأثرياء فقط، بينما صنع الرومان واليونانيون والصينيون الحلويات ببذور السمسم، كما تشير النصوص السنسكريتية، من عام 2000 قبل الميلاد، إلى أن الحلويات الهندية كانت مصنوعة من الحليب والسكر.

في العصور الوسطى، كانت حلوى السكر تحظى بشعبية كبيرة، لكنها كانت من نصيب الأغنياء فقط، لأنهم وحدهم من يستطيعون دفع ثمن الطعام الحلو لأن سعر السكر كان مرتفعًا للغاية.

في ذلك الوقت، كان الأثرياء يأكلون الحلويات مثل الفواكه المحفوظة والجيلي والفواكه المجففة والرقائق المصنوعة من العجين. وفي الحقبة نفسها، تعلم الأطباء كيفية إخفاء المذاق السيئ للأدوية.

في النهاية، أدى مزيج السكر والكاكاو إلى إشعال قصة صناعة الحلويات، وفي عام 1502، أعاد كورتيز، الفاتح الإسباني للمكسيك، الكاكاو ومشروب الشوكولاتة إلى إسبانيا.

أدت إضافة السكر لمشروب الشوكولاتة إلى جعله أكثر قبولا، لكن الأمر استغرق ما يقرب من 100 عام أخرى حتى يصل المشروب الجديد إلى بقية أوروبا، وافتتح أول متجر لبيع شراب الشوكولاتة في لندن عام 1657. وفي أواخر القرن السابع عشر، بدأ الأغنياء بتناول آيس كريم الشوكولاتة.

حتى القرن التاسع عشر كانت الشوكولاتة للشرب فقط وليس للأكل، وصنع جوزيف فراي أول قطعة شوكولاتة في عام 1847، ثم في عام 1875، اخترع هنري نستله ودانيال بيتر شوكولاتة الحليب.

وفي القرن التاسع عشر، بدأ تطور الحلوى، وأدى انخفاض سعر السكر والتقدم في الميكنة إلى تسهيل تصنيع الحلويات (السكاكر) بكميات كبيرة ولأول مرة كانت متاحة لجميع الناس.

وبحلول خمسينيات القرن التاسع عشر، كانت هناك المئات من مصانع الحلويات في الولايات المتحدة، وكانت الحلويات التركية واحدة من أقدم الوصفات المشهورة حينها للتحلية.

 

حلوى السكر كانت تحظى بشعبية كبيرة، لكنها كانت من نصيب الأغنياء فقط (بيكسابي)

أول قالب حلوى

وقدم جوزيف فراي أول قالب حلوى في بريطانيا في عام 1847، وفي عام 1900 اخترع ميلتون إس هيرشي شوكولاتة هيرشي بالحليب.

أما في القرن العشرين، فتم تقديم العديد من الأنواع الجديدة من الحلويات، مثل "توبليرون" (Tablerone) عام 1908، و"ميلكي واي" (Milky Way) عام  1923، وسنيكرز (Snickers) في عام 1930، وكذلك "شوكولاتة مارس" (Mars bar) في عام  1932، وباونتي (Bounty) في عام 1951، والأحدث كانت شوكولاتة تويكس (Twix) في عام 1967.

المعاناة من أجل الحلوى

يقول خبير الحلويات آندي باكسينديل، الذي عمل في هذه الصناعة لأكثر من 20 عامًا، وظهر في المسلسل الوثائقي "صناع الحلوى" (The Sweet Makers) على شبكة "بي بي سي" (BBC)، إنه تم العثور على عناصر مصنوعة من العسل والمكسرات في الأهرامات المصرية، لكن الحلويات كما نعرفها اليوم ليس لها تاريخ طويل.

وأضاف باكسينديل "تعود جذور الحلويات إلى علم الصيدلة والكيمياء، إذ تم تقديمها جنبًا إلى جنب مع الأدوية لتخفي مرارة مذاق الأخيرة".

ويُعتقد أن نشأة الحلويات بدأت لدى علماء الصيدلة في الشرق الأوسط لعلاج لعسر الهضم، وتم جلبها إلى أوروبا كجزء من التجارة بين الدول.

كانت ملكية السكر تعتبر رمزا حقيقيا للمكانة الاجتماعية المرموقة، كما كانت توظف الأسر الغنية صانع حلويات خاصا بهم، يستطيع صنع الحلويات الملكية بمهارة خاصة، ويبلغ أجره 3 أضعاف الطاهي التقليدي، حيث كانت تقام الولائم الخاصة بحلوى السكر فقط.

وارتبطت زيادة السكر الوارد إلى بريطانيا ارتباطا مباشرا بتجارة العبيد، كما كانت جزر الهند الغربية مصدرا غنيا لقصب السكر، حيث عمل العبيد الذين تم جلبهم من أفريقيا في تلك المزارع، في ظروف صعبة للغاية.

أصبح لدى محبي القهوة الذين يميلون إلى تناول الشوكولاتة الداكنة معها تفسيرا علميا يوضح لهم أن الاثنين مثاليان معا (بيكسابي) 

ملكية السكر اعتبرت رمزا حقيقيا للمكانة الاجتماعية المرموقة (بيكسابي)

حلوى الدواء

في ستينيات القرن التاسع عشر، ظهرت حلوى عرق السوس، التي لا يزال من الممكن شراؤها في المملكة المتحدة اليوم، وحينها كانت تباع في الصيدليات.

وكان قد تم إدخال عرق السوس إلى بريطانيا في القرن الحادي عشر، من قبل الرهبان العائدين من الشرق الأوسط، حيث رُوج حينها لخصائصه الطبية، لدرجة أن الأبراج المحصنة السابقة لقلعة بونتفراكت كانت تستخدم لتخزين جذور عرق السوس.

التحرر من العبودية

كان إلغاء الرق عاملا محوريا في تأثيره على البشرية ولا سيما في صناعة الحلويات، إذ أصبح السكر أقل وفرة، ومن ثم أغلى ثمنا، وتم البحث عن بديل آخر في سكر البنجر.

وشهد العصر الفيكتوري أيضا تطورا صناعيا، فأصبحت محلات الحلوى أكثر شيوعًا وباتت الحلويات شيئًا يأكله الناس من جميع الطبقات، ولأول مرة، تم صنع الحلويات مع وضع الأطفال في الاعتبار أيضا.

وبحلول فجر القرن العشرين، توقفت النظرة للشوكولاتة عن كونها شيئا مسكرا وتم إتقان فن تحويلها إلى قالب صلب، فأنتجت شركة "فرايز" (Frys) البريطانية أول قطعة شوكولاتة في عام 1847، ووجدت أن زبدة الكاكاو تضيف مرونة للشوكولاتة.

وفي سويسرا، أتقن صانع الشوكولاتة رودولف ليندت تقنية تسمى القوقع. وباستخدام مسحوق الحليب، ساعدت عملية العجن المكثفة في جعل الشوكولاتة أكثر نعومة مما كانت عليه من قبل.

   صور مختلفة لحلوى عرق السوس (بيكسابي)

الحلوى للجميع

كانت الشوكولاتة ما تزال رفاهية في أوائل القرن العشرين، إذ كانت تخزن في صناديق فاخرة حيث كانت تكلفة شوكولاتة "كادبوري" تعادل ميزانية الطعام الأسبوعية لعائلة من الطبقة العاملة.

وبمرور الوقت انتقلت الحلوى من منازل الأثرياء إلى بيوت الفقراء، ونظرًا لأن الحلويات لم تعد تقتصر على الطبقة الأرستقراطية، فقد تم تناول 33 كيسا من السكر في المتوسط ​​لكل شخص في بريطانيا بحلول عام 1900.

ونجحت الحلوى -عبر إضافة كثير من السكر إلى طعامنا- في أن تمنح الجميع لحظات من المتعة، وهروبا من آلام الواقع.

المصدر : مواقع إلكترونية