خارطة اليمن تتغير .. أكبر نهر في الجزيرة العربية يعود للجريان في اليمن مجدداً

قبل 3 سنة | الأخبار | اخبار الوطن

قامت حضارة اليمن القديم على الزراعة والصناعة الحرفية وتسيير قوافل تجارة البخور ... أحد الأسباب المؤثرة على المكانة التجارية العالمية لحضارة اليمن القديمة وكما تعلمنا هي تسيير البواخر بالبحر باشرعة الرياح كبديل لطرق قوافل سباء البرية .

 

لكن إذا نظرنا إلى أحدث الصور الجوية لخارطة الجزيرة العربية وتحليل بعض معطيات التاريخ القديم وأماكن تمركز الكثافة السكانية وأماكن تواجد آثار أهم الحضارات القديمة مثل عاد وثمود وسباء ومعين وحضرموت لوجدنا أن عاملا مهما جعل من الأماكن الصحراوية اليوم مناطق جذب كثيف للسكان قديما ... عامل الجذب ذاك هو المناخ وليس غيره لأن وجود المياه كثيفة الجريان والأمطار المستمرة جعل من تلك المناطق أرضا صالحة للزراعة تجري فيها انهار طويلة وتحيط بها غابات وتنوع حيواني بري ....

من خلال الصورة الجوية يمكن تصور مسارات الأنهار القديمة ولعل أحدها بحكم المؤكد وهو النهر القديم المتحجر المطمور تحت الرمال الذي كان رأس مصباته عند جبال صعدة غربا ويتجه شرقا تلتقي به روافد كثيرة حتى يصب في المحيط ما بين حضرموت والمهرة وحول هذا النهر ظهرت الكثير من الحضارات القديمة التي ما زالت شواهدها الأثرية قائمة حتى اليوم مثل عاد وثمود وسباء وحضرموت ومعين .

السهول الوسطية أيضا كانت ذات انهار دائمة الجريان وغابات كثيفة الشجر ساعدت على استقرار السكان وزراعة الأرض مثل وديان الجوف ومأرب كما ذكر الرحالة هاليفي والتاجر حبشوش قبل مائة عام أثناء استكشاف وادي الجوف نزولا من ارحب شرق صنعاء وصولا إلى وادي الخارد ومما ذكروه بأن منطقة الخارد كان بها نهر غزير المياه مليء بالاسماك تحيط به غابة كثيفة الشجر وواضح اليوم بأن هذه الأشياء لم تعد موجودة بسبب التغيرات المناخية خلال مائة عام فقط فما بالنا لو عدنا للخلف كم ألف سنة لوجدنا أن المناخ كان شكل ثاني والأرض خضراء وانهار وغابات وهذا ما يفسر سبب تمركز الإنسان اليمني قديما في تلك المناطق وتعميرها ومن تلك المناطق تحركت أكبر قوافل الهجرات الإنسانية القديمة نحو الإتجاهات الأربعة بعد أن حدث تغير مناحي سالب تسبب في قرار النزوح والهجرة الكثيفة للسكان.

 

لعل وادي مأرب وما حوله هو الأخر كان يجري عبره نهر غزير المياه مصباته من الجبال الغربية عند خولان صنعاء وذمار وان صرواح وامتداد وادي مارب حتى عبرن كانت كثيفة الشجر غزيرة مياه الأمطار ولعل فكرة أن سد مأرب القديم شيد بالأساس لحماية مدينة مأرب من الفيضانات والتحكم بمياه الفيضان عبر مصارف المياه اليمين والشمال شيء يبدو منطقي بوجود مناخ غزير المطر قبل عشرة آلاف عام .

 

بالتدريج مع حدوث تغيرات مناخية سالبة تراجع فيها معدلات الأمطار السنوية وتحول تلك المناطق إلى صحراوية دفع بالسكان إلى الهجرة الكثيفة بالتدريج طبقا للتغير المناخي في كل الاتجاهات للبحث عن مواطن مشابهة للعيش عليها وربما أن من تلك الهجرات القديمة وجدت في بلاد الرافدين مكانا مناسبا للاستقرار وبناء حضارة جديدة أيضا معلوم ان الفينيقيين هم هجرات يمنية قديمة استقرت على شواطئ البحر الابيض حيث المناطق المشابهة لموطنها الأصلي وشكلت حضارة جديدة كذلك هجرات قبائل الامازيق إلى المغرب العربي ... وربما أن التدقيق والبحث في هذا الجانب سوف يؤكد حقائق مذهلة حول الهجرات الإنسانية القديمة من جنوب الجزيرة العربية .... لعل اكتشاف نقوش ثمودية قديمة بأحرف المسند في صخور ولاية كلورادو الأمريكية أحد الأدلة التي تؤكد كل هذه الفرضيات لهجرات سكان بلاد العربية السعيدة إلى كل بقاع الأرض متجاوزين البحار والمحيطات. 

 

خطوط اللون الأزرق عل الخارطة لافتراض مسار انهار جارية قديمة كانت تمر في المناطق التي هي صحراء اليوم من الجزيرة العربية بأرض اليمن القديم .

 

 

 

ومن خلال قراءة الصور الجوية من قبل الخبراء تبين  بأن منطقة وادي الجوف حاليا عبارة عن نهر متحجر يعود إلى العصر الهولوسين كان ينبع من منطقة الجبال الواقعة في الشمال و يجري في الحوض الصحراوي الداخلي عبر هضاب حضرموت مروراً بوادي المسيلة حتى يصل إلى المحيط الهندي خصوصا في آخر فترة مناخية رطبة من عصرالهولوسين منذ أكثر من 7000عام،

عام 1993م  تم إجراء أول فحص فعلي على الأرض لهذه الشبكة المائية القديمة وأحواضها البحيرية القديمة، وكذلك اكتشاف العديد من المستوطنات التي تحيط بهذه الأحواض والتي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ والمكونة من بعض أحجار المساكن أومن شظايا الأدوات أو من الأشياء المهجورة التي تظهر ثم تختفي غالبا بين ممرات التلال الرملية.

عام 1996م استطاعت إحدى البعثات ، من خلال دراسة عينات للأحواض البحرية القديمة، في صحراء رملة السبعتين من الحصول على أول تاريخ يخص البيئة القديمة، و منذ ذلك الحين أصبحت الأبحاث الأثرية تقام في إطار واحد من البحر الأحمر وحتى حدود ظفار في الشرق.

 

المصدر: كتاب فن الرسوم الصخرية واستيطان اليمن في عصور ما قبل التاريخ