الأشخاص الناجون من أخطر حالات الإصابة بسبب كورونا المستجد على وشك اكتشاف أحد أقسى دروس الوباء، فبعد هزيمة الفيروس، يبدأ الجزء الصعب حقا من مسيرة ما بعد كوفيد-19.
وأظهرت مجموعة واسعة من الدراسات الطبية والعلمية، أن أولئك الذين أفلتوا من الموت بفضل التدخلات الطبية الشديدة، بما في ذلك ربطهم بآلة التنفس الميكانيكية لمدة أسبوع أو أسبوعين، غالبا ما يدخلون في معاناة مع مشاكل جسدية وعقلية وعاطفية طويلة المدى.
وحتى بعد عام على مغادرة وحدة العناية المركزة، يعاني كثير من من الأشخاص من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والقصور المعرفي الشبيه بالزهايمر، والاكتئاب، وفقدان الوظائف ومشاكل في القيام بأنشطة يومية مثل الاستحمام وتناول الطعام.
وتعالت أصوات مسؤولين محليين ومسؤولي ولايات ومستشفيات، المطالبة بتوفير مزيد من أجهزة التنفس لإنقاذ أرواح من يكاد كوفيد-19 يفتك بهم.
لكن خبراء يقولون إن الآلات بينما قد تكون بمثابة الفرق بين الحياة والموت بالنسبة للمريض، إلا أنها ليست الحل السحري.
وأعرب مدير مركز إضفاء الإنسانية على الرعاية الطبية الحرجة في ولاية يوتا، سامويل براون، عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة ستشهد موجة من المشاكل الصحية بعد حوالي ستة أسابيع على الإصابة الأولية بالمرض.
وقال لصحيفة واشنطن بوست "بين أسبوع وثلاثة بعد فصل المريض عن جهاز التنفس، ثم أسبوعان لعودته إلى المنزل، ثم يدرك أخيرا: ماذا حدث لي؟ وممّ نجوْت للتو؟ وكم كانت التجربة مرعبة للغاية بالنسبة لموجة من الناجين الذين سيعانون من أعراض نفسية صعبة حقا".
وبحسب البيانات الناشئة، فإنه على الرغم من أن الغالبية العظمى من المصابين بكوفيد-19 يعانون من حالات خفيفة من العدوى، إلا أن واحدة من بين كل ست حالات معروفة تطور ضيقا شديدا في التنفس. ويصبح وضع حوالي نصف هؤلاء خطيرا إذ تمتلئ رئتا المريض بسوائل ولا يبقون على قيد الحياة إلا بمساعدة جهاز التنفس.
ويقول علماء الأوبئة إنه بحلول نهاية الوباء، سيزرع مئات آلاف الأميركيين الذين نجوا من حالات شديدة لكوفيد-19، على الأرجح بذور أزمة الرعاية الصحية القادمة في ظل معاناة الكثيرين من الآثار الجسدية والنفسية المترتبة عن إقامة طويلة في المستشفى.
وعادة ما يعتمد من يعانون من حالات حادة لكوفيد-19 على أجهزة التنفس لفترات طويلة ما يزيد من احتمال تعرضهم لمضاعفات طويلة الأمد. ويعني خطر الإصابة بعدوى، قطعهم عن أي اتصال بشري، ما يزبد من خطر المشاكل النفسية.
وقال الأستاذ في جامعة فتندربلت في ناشفيل بولاية تينيسي، ويزلي إلاي، في الظروف العادية يجلس الطبيب ومن يقدم الرعاية للمريض بجانب سريره ويمسك بيده ويسأله عن حاله ويبلغه بشرف مساعدته. لكن ما يحصل عليه المصابون بكوفيد-19 هو شخص في لباس فضائي لديه وقت قليل جدا للقضاء معهم، وفق إلاي.
وتابع إيلاي أن كثيرا من الأطباء المقيمين في المتشفى، توجهوا إليه والدموع في أعينهم. وقال له أحدهم "لا أشعر أنني طبيب"، مضيفا "أول مرة جلست فيها مع ذلك مريض كان لكي أؤكد له أنه سيتوفى".
الخبر التالي: