الناشطة اليمنية سماح عملاق .....العطش يستدعى كورونا

قبل 3 سنة | الأخبار | الرياضة

إب-العطش يستدعي الكورونا

 "يشتونا نغسل أيدينا بالماء والصابون واحنا مالقيناش اللي نشربه صهريج الماء بأكثر من 15 ألف ريال، ويوصل بعد معاملة تهد الحيل، ومشاريع المياة الحكومية يسقوا بها مزارع القات، ولما توصل لعند المواطن البسيط يكمل الديزل ويغلي البترول أو مثلًا تخرب البومبة!!" بابتسامة مغلوبٍ على أمره تحدث معنا الحاج صالح (مزارع في قرية من قرى ذي السفال) وبلكنةٍ ساخرة يكمل:"حتى هذا الفيروس اللي مدري مسمه شموت عطش وبعون الله نهايته بيننا"

في الحين الذي تتضافر فيه كل وسيلةٍ للإعلام ضد الفيروس العالمي covid-19 والمعروف بكورونا تعيش أكثر من خمسمائة أسرة في أزمة مياةٍ خانقة. الأمر الذي يجعلها تستخف بكافة أساليب التوعية للوقاية من هذا الوباء. ورغم افتتاح محافظ المحافظة /عبدالواحد صلاح، ووزير المياة والبيئة/ نبيل الوزير في الثاني من مارس 2020 للعديد من مشاريع المياة بتكلفة 2 مليار و600 مليون حيث قصا شريط12 مشروعا مائيًا بالطاقة الشمسية مع شبكات المياة في عدد من المناطق الريفية بمديريات ذي السفال والسياني والسبرة والنادرة و بعدان والسدة والمشنة؛ لتستفيد من هذه المشاريع قرابة 60 ألف نسمة. ومع حفر الآبار في منطقة السحول التي تتصل بمديريتي الظهار والمشنة بمدينة إب بطاقة إنتاجية ٦٠ لتر في الثانية. رغم هذه الجهود لازال انقطاع مياة الشبكة الرسمية عن أغلب مناطق محافظة إب مستمرًا مما أدى إلى تفاقم معاناة السكان من أزمة مياةٍ خانقة. هذه المعاناة جعلت آلاف الأسر تتجه لاستخدام مياة الأمطار المتكومة على أسطح منازلهم، بل وحفر مخازن حجرية في بواطن البيوت الأمر الذي لايتفق مع معايير منظمة الصحة العالمية والذي يعرّض الآلاف لأمراضٍ عدّة أكثر شهرةً من كورونا. هذا ويتهم مجموعة من أهالي المحافظة الأيدي التي تدير مشروعاتهم المحلية بالفساد الإداري، وسرقة الملايين من مخصصات كل مشروع. كما صرح الأستاذ خالد(اسم مستعار) بأن مكتب المياة أيضًا يستغل حاجة السكان ليرفع سعر الوحدات الاستهلاكية إلى الضعف بعد أن كان الماء في متناولهم. وعقّب أ. خالد بحديثه "لايوجد مبرر واحد يجعلنا ندفع الأسعار الجنونية للمياة عن قناعة، فالفاتورة تصلنا قبل الخدمة وهذا لايقبله عقل". وبعد تبريرات نشرتها مؤسسة المياة في أغسطس 2019 -قبل اشتداد الأزمة أكثر- بحفر الآبار الإرتوازية عشوائيًا في منطقة السحول وميتم، وباستقبال المدينة لمئات الآلاف من النازحين من المحافظات المجاورة و بنضوب عديدٍ من الآبار الجوفية مما زاد من عملية الاستهلاك، تسرّبت معلوماتٍ من المؤسسة لعدة وسائلٍ إعلامية غير إب7 عن تلاعبٍ إداري في المؤسسة لأغراض استثمارية، بينها تعاقدات من قبل نافذين بالمؤسسة مع أصحاب ومالكي مضخات المياة؛ لتأزيم المواطنين وإجبارهم على شراء صهاريج المياة، مع حفظ النِسب ، ليبلغ سعر الصهريج اليوم 16 ألف ريال بعد أن كان سعره لايزيد عن 5 آلاف ريال قبل الأزمة. يقول موظف في مكتب الصحة -يتحفظ عن ذكر اسمه -:'"هذا الحال من شأنه أن يؤول بقرابة 5 ملايين نسمة إلى الوقوع فريسةً سهلة بين نواجذ الفيروس القاتل والذي أرعب الشرق والغرب". وبينما ترفع الدول من جاهزيتها القصوى للوقاية أو للسيطرة على انتشار الفيروس بين رعاياها تفتقد إب لأبسط مقومات الوقاية منه وهي المياة النظيفة.

وبعد التواصل مع مدير المصادر المائية بمكتب هيئة مياة الريف إب المهندس/عبدالمغني البشيري تحدثنا سويًا عن الأزمة وأسبابها وظروف العاملين في الهيئة فعدد لـ" إب7 "أبرز مايواجه العاملين في مجال المياة من انخفاض في الأجور وندرة الدورات التدريبية وغياب البرامج التقنية الحديثة فضلًا عن فقر الهيئة بالأجهزة المتخصصة الحديثة المواكبة لأحدث الاكتشافات العلميةالجديدة. يواصل البشيري :"..ويؤخرنا كعاملين فاعلين عدم وجود الهيكلة الوظيفية الحقيقية، وعدم اختيار الكفاءات العلمية والإدارية الناجحة إضافة إلى عدم إرسال الكوادر الوظيفية للخارج للدراسة ، ونيل الدرجات العلمية العليا كجزء من عملية تدريب وتأهيل الكوادر ". وأوصى المهندس عبدالمغني بجملة من المقترحات، والحلول لمعالجة الأزمة كترشيد استهلاك المياة، ومنع الحفر العشوائي للآبار ، وتفعيل قوانين المياة، والتوسع في بناء السدود والحواجز المائية، ومعالجة المياة العامة والاستفادة منها في ري الحدائق والشوارع وكذا تحلية مياة البحر.

هذا ويرجع كثيرون أسباب الأزمة إلى سوء التخطيط، والسيطرة على المخالفين من ملّاك الآبار الأهلية لمعايير الحفر الواردة في القانون بسبب عدم تطبيق القوانين والسياسات المائية التي تمنع الحفر العشوائي للآبار. فأعلى كمية تساقط سنوي تكون في المرتفعات الجنوبية الغربية كما في مناطق إب – تعز والضالع ويريم حيث تتراوح كمية الأمطار الساقطة هنا ما بين 600- 1500 مم سنوياً، وهذه نسبة معقولة تكفي المحافظة ذاتيًا إذا أُحسن إدارتها ببناء الآبار، والسدود ثم الإشراف عليها، حيث أن بعض السدود المحفورة ارتدمت بفعل الإهمال وعوامل الطبيعة.