خطبة الجمعة مني لكم- الفرق بيننا و بينهم!!!!!

برفسور : ايوب الحمادي
الجمعة ، ٠٣ يوليو ٢٠٢٠ الساعة ١١:١٢ مساءً
مشاركة

خطبة الجمعة مني لكم- الفرق بيننا و بينهم!!!!!

عارفين ما هو الفرق بيننا و الغرب؟ لو قلتم الصناعة, سوف اقول هذه مش صعبة لان الفجوة الصناعية نقدر على تقليصها. لو قلتم العلم, ايضا ليس هناك مشكلة فجامعاتهم مفتوحة لنا وعلومهم ايضا و جنوب شرق آسيا استفد من ذلك . طيب الثروات الطبيعية, ايضا غير صحيح, لان كل ذلك مكدس تحت اقدامنا, لكن لم نستفيد من ذلك؟ طيب هل الفرق الموقع الجغرافي, ايضا لا فالعرب لهم موقع مع منافذ على بحار و محيطات العالم. طيب احتمال الكثافة السكانية و تقسيمها, ايضا هذا غير صحيح فنحن شعوب شابة و لدينا طاقات كبيرة بينما اوروبا قارة عجوزة. طيب احترنا, فين الفرق و ليش نحن في نهاية الامم؟ السبب هو نحن فالله يقول "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". طيب هل ممكن توضح ماتقصد؟

كم شجلس اشرح, بس من وجهة نظري ابداء منذ كنت صغيرا في اليمن, و اقارن لك اين الخلل فينا كعرب, بشكل مبسط للعامة و الباقي عليك تكمل انت و تستنبط ما تريد بمعنى انت تقرر و تحكم.

عندما كنت صغيرا في اليمن كنت اسمع في الاعلام و الدواوين و من خطبائنا كل جمعة و بعد كل صلاة و أساتذتنا في المدرسة بمناسبة و بدون مناسبة يفردون اكثر من نصف الخطبة او الدرس او النقاش لتوصيف الغرب "الكافر" بكل الاوصاف, التي قد تخطر على بال. كل ذلك شكل قناعات معينة عنهم لدي. لذلك كنت اريد الدراسة في مصر او سوريا بعد الثانوية, لكن كتب الله ان اكون من ضمن المبتعثين من التعليم العالي الى الغرب الكافر اي المانيا, و من الامم المتحدة الى روسيا طب بشري فقلت المانيا اخف الضرر, لان روسيا "كفار عرابيد" لا يؤمنون بشيء هكذا كان وقتنا و مارسم المجتمع لنا. فرحت انني سوف انشر الفضيلة في المانيا, التي تعلمتها من صغري و انقذ الغرب الكافر من تعاسة الحياة, التي يعيشون بها و اضمن الجنة برحمة الله و بصبرى في دعوتي كما قال لى اصحابي ومن عرفني و قتها.

عشت في الغرب "الكافر" اكثر من نصف عمري الى الان, تعمقت فيها تجربتي و تأصلت خبرتي, ليس في العلوم الطبيعية, و انما الانسانية, لكني لم استطيع ان ازرع هنا زهور ثقافتي و منهجي المحمولة على عاتقي من المنطقة العربية اي اليمن كما كنت اريد من اول ليلة و كما كنت اتصور و اقول كما كنت اتصور. و بدلا من ذلك عشعشة غاباتهم الكثيفة في شخصيتى بتعاليمهم الحديثة و افكارهم النيرة, و التي تُترجم من كل حلقات مجتمعهم الى سلوكيات عملية دون ابتذال او تمثيل او ّمن يحميها بذلك نص الدستور حول الكرامة الانسانية. و حتى لا اتهم انني احب الغرب او أنتقد في بيئتنا العربية دون تقديم حلول او خلاصة ما نحن فيه و كيفية الخروج منه, فانا أحاول ان لا اطرح موضوعات الا لمراجعة الذات و اصلاح النفس.

فمثلا في الغرب رأيت الطفل لا يتربى على شعارات الفضيلة و لا الأفضلية المطلقة كمبدأ ارفع رأسك أنت لك تاريخ عظيم او انت من خير البشر كما تربيت و تعلمت انا, لكنه بسلوكياته و اخلاقه يمتاز كثيرا عنا من دون مغالطة فكرية او كلمات جوفاء, و التي تيقنت فيما بعد ان ليس لها اى أصل أو سند في ديننا. فالطفل هنا حر لا يكذب ولا يكره ولا يحقد و لا يخاف و لا يتملعن مثل حالنا عندما كنا مثلهم. في الغرب لا يحلم الطفل الا ان يكون ناجحًا و فعالاً و سعيداً و في اوطاننا نزرع الزعامة و ثقافة حمل السلاح و التسلط والطبقية والمناطقية و الاستشهاد دون ذلك في اطفالنا مع كل نسمة هواء. و في الغرب لا يعملون اى تمييز مابين الطالب العربي و الغربي في التعامل او حتى الرسوم في جامعتهم و مرافقهم, و فى اوطاننا لا يسمح الا لأبناء الوطن فقط في دخول الجامعات ام أبناء المقيمين ليس لهم الا ان يكتفوا بما حصلوا او ترك البلد كما هو حال الخليج العربي الغني بالمال. في الغرب رأيت الانسان لا يُعامل من قبل النظام على أساس جنسيته او قوميته او لونه او دينه او فقره او غناه او اسرته او مكانتها بل على أساس آدميته قبل و بعد كل شئ. لذلك في دساتيرهم الكرامة الانسانية لاتمس و تحتها تمر كل القوانين وأقول كل القوانين .

في الغرب رأيت الانسان يحصل على حقوقه غير منقوصة كالرعاية الاجتماعية, حتى و ان كان يستغل النظام و يتملعن, او يحصل على إقامة دائمة بعد المكوث عدة سنوات متواصلة حتى و لو دخل الى هنا بأوراق مزورة او حتى بدون أوراق إثبات الهوية او هارب او لاجئ انساني و ليس سياسي, بينما في بلادنا العربية و الاسلامية و بالخصوص الخليج و المملكة يجدّد المقيم إقامته و لو مكث مئة سنة و لو هربنا نحن من الحرب عندهم وظلينا ٢٠٠ سنة فلن يكون لنا اي حق في الاقامة ونحن جيران وأسرة واحدة من بداية الخليقة . في الغرب لا يطرد من البلد من اشتغل ٥٦ شهرا لانه صار دافع ضرائب تعطيه الدولة حق الاقامة الدائمة حتى لو ظل بعدها على الرعاية الاجتماعية بقية حياته دون عمل, بينما في عالمنا قد يتم طرد مئات آلاف من اخواننا تحت قوانين مجحفة كما حصل في السابق, حتى و ان عملوا ٥٦ سنة و الغريب الادعاء اننا اخوة في الدين و الارض و التاريخ المشترك بعد ذلك و سوف نجتمع في دينينا تحت راية واحدة بهكذا سلوك.

في الغرب تمارس كانسان سلفي او اخوان او كافر او مرتد او حتى جني حريتك في ممارسات معتقدك و تعيش بجانب غيرك مما ذكرت جار له باحترام, و في اوطاننا افكارنا و قلوبنا ضيقة لا ترغب بالنقاش مع كل جديد او غريب حتى لا نقع في المحضور و يقام الحد لمن خالفنا و نقتل لمجرد الاختلاف المذهبي و المناطقي و السياسي و نبرر سلوكنا الشاذ ضد غيرنا. في الغرب لا يختزل دور المراة في النكاح و الانجاب و فرض الوصايا عليها في كل شيئ, و انما هى نصف المجتمع بدون مغالاة و قيادة الدولة تحتهن تعمل بانسجام غريب. في الغرب تستطع الزواج من من تريد حتى لو كانت بنت المستشارة الألمانية ان كان هناك توافق دون ان يقف القانون ضد هذه الرغبة , و يمكن ايضا لو انت فقير فتح بيت و الحفاظ على كرامتك مهما كان معتقدك حتى و ان كنت معدوم, و تستطع تأثيث شقة يتحملها مكتب الرعاية الاجتماعية بما انك قانوني اي دافع ضرائب من قبل و اقامتك ٥ سنوات قانونية, بينما في المملكة على سبيل الذكر كموطن الرسالة و فيها مقدساتنا و قبر نبينا ينتظر الانسان لمدة ٣ سنوات تقريبا و قبلها يجب ان يكون لديه عمل و اقامه سارية المفعول للحصول على إذن لزواج مواطنة, غلبانة, فقيرة, ارملة او مطلقة, و لم اقل بنت شيخ او امير هذا و هو يماني من نفس الثقافة و الارض فما بالكم بهندي او صومالى مسلم, و الذين قد ينتظرون قرن من الزمان. و المشكلة ان في الغرب زوجتك تعطيك طريق قانوني للجنسية و الاقامة و اطفالك يحملون جنسية البلد بعكس الخليج و المملكة ارض الاسلام, و الذي يجعل زواجك دون فائدة قانونية تذكر غير انك تنام مع الكفيل بسرير واحد.

في الغرب يحصل المقيم على الجنسية بعد ٦ الى ٧ سنوات متواصلة ان تكلم لغة البلاد و ألم بقليل من المعلومات العامة حول نظام الدولة و تقسيمها و ٤ مواد من الدستور كل على بعض لا تتجاوز ١٤ صفحة, و في موطن الاسلام و الخليج الاسلامية لا يُمنح الجنسية للعربي حتى و ان ولد فيها و حفظ القرءآن بالقراءات السبع, التي حددها ابن مجاهد, و الانجيل و التوارة و تاريخ الجزيرة العربية من هبوط آدم عليه السلام مرورا بقبائلها و صعالكها حتى يومنا فما بالكم بالهندي المسلم.

في الغرب يسعون دون تهاون الى استقطاب و توطن و تجنيس كل كفاءة تخدم شعوبهم و الانسانية جمعاء, و نخبنا و قادتنا تحارب ابنائنا و مغتربينا و كوادرنا العربية إما بانتقاصهم في الوظيفة او المواطنة او اقصائهم من الوظيفة القيادية او تطفيشهم او جعل المواطن, الذي امكانيته محدودة مدير عليهم بحكم انه فقط مواطن و انت وافد. في الغرب عقولهم النيرة تدير مؤسسات الدولة و قطاعات الانتاج, و في اوطاننا جهال القوم و عسكر و شيوخ الوطن و بلاطجة السياسة و الدين متمرتسين في كل مفصل في الدولة الى ان يسلموها الى المهدي المنتظر كما سمعنا. و في الغرب لا تجد كفيلاً غربي يبتزّ مقيماً عربي او هندياً او صيني, يتاجر به او يطلب منه شيء دون وجه حق و لا تسمع كلاما فَجّاً جارحا, و في عالمنا طفل صغير او كبير في الخليج يكفي ليقول لك اسكت ولاّ أسفّرك, انا مواطن و انت مقيم تحتاج كفيل, و كأن بيديهم صكوك من رب العالمين بتوزيع الارزاق. في الغرب قد تجد امرأة تعمل كخادمة حدد لها النظام عدد الساعات و الايجار العادل دون انتقاص كرامتها و وضوح الشروط و الواجبات, و في عالمنا تعمل مثل هذه الانسانة لمدة ١٨ ساعة في اليوم ٧ ايام في الاسبوع ب٢٠٠ يورو كما هو حال اخوتنا في الخليج مثلا ناهيكم عن الاستغلال و ما خفي كان اعظم.

في الغرب نطرد وزيرا لانه اشترى لإبنه تذكرة طيران بتخفيضه كوزير, بقيمة لا تتجاوز ٣٠٠ يورو, و في اوطاننا ابن الوزير هو الوزير القادم و ابيه لا يرى للمناقصات الا ابنه و اخيه و حتى يفسح المجال لنفسه و لابنه لا يكل في تطفيش اهل الكفائات وحتى لو نظرتم ليس فقط للخليج و العرب و انما الشرعية اليمنية الفقيرة و المشتتة, التي لم تترك وظيفة الا واعطتها ابنائهم. في الغرب الانسان المعاق و الفاشل يُدعم حتى ينجح و يبدع, و في بلادنا المريض و المعاق نسترزق بهم على ابواب المساجد و المصالح و الاشارات. في الغرب تخلصوا من رجال الدين و الاقطاعيين و الفاشليين من ادارات مصائر الناس منذ العصور الوسطى, و في اوطاننا العربية ننشئ لهم امبراطوريات بصكوك ربانية و لوائح دستورية و استحقاقات مرحلية . في الغرب لا وقت الا للعمل و بناء المصانع و الانتاج و نحن لا نملك لا مصانع تتحرك, و لا طاقات تفكر, و لا حتى خطاب عقلاني ولا سلوك انساني, ولا سياسة واضحة, و لا احلام مشروعة غير العمالة و الارتزاق, و لا حتى صرف صحي يسترنا من بقايا الامطار و انتشار الامراض و الأوبئة.

في الغرب يتعامل النظام بالاسلام النقي معك رغم كفرهم بالحساب و المعتقدات الدينية و في بلادنا اصحاب السلطة و الفضيلة المطلقة تتعامل بمناهج الكفر و الاقصاء و التطفيش للاخر و العنصرية و الطرد حتى و ان كنت من نفس الوطن, برغم ايمانهم بالاخرة و الغريب اننا ندعي الحق المطلق و الجنة لنا. في الغرب الدولة تدفع مرتب للطفل و يزيد مرتبات الاطفال كلما زاد عددهم في الاسرة حتى و لو كنت جديد على هذا البلد او طالب او موظف. اي الدولة تدعم بالاسرة مع الاطفال مهما كانت جنسيتها و معتقدها و تسهل استمرار الاسرة و حتى رسوم الدولة تنخفض للاسرة مع الاطفال و الضرائب, و تزيد لهم الرعاية الاجتماعية, و حتى رسوم استئجار الكتب تنخفض الى النصف للاسرة مع الاطفال و ايضا رسوم الحضانات للاطفال حتى لايشكل ذلك ثقل على رب الاسرة , بينما في المملكة لن يستطيع الاجنبي العربي ينام و هو يعلم انه سوف يدفع رسوم كل شهر لم يفرضها احد في الارض كلها على اسرة مقيم بهذا الحجم تكسر ظهره , لا ادري اين اقف بالسرد الذي لن ينتهي و لكني اكتفي.

وبناء على السرد السابق فيتضح لنا ان الفرق بيننا و بينهم هو السلوك الانساني, الذي يجسده القانون تحت حماية الكرامة الانسانية من المساس بها او استغلالها. يتضح لنا ايضا من السرد ان قوة المجتمع و تماسكه و تفوقه و احلام انتاج الدولة المدنية الحديثة القوية, التي تتجسد فيها الفضيلة كصفة ربانية لنا كمسلمين قبل ان نتحدث عن القانون يكن نتيجة تقييم سلوكيتنا اولا و اخيرا و استمرار التأثير الثقافي و التسامح و التعايش , و ليس نتيجة استغلال ضعف الاخر او احتياجه و مصادرة كرامته بصور مختلفة و بحجج مختلفة نابعة عن المنهج الديني المذهبي, او الفقر الاقتصادي, او الاستغلال الانساني او السياسي او المناطقي. البشر ترتقي بقوانينها و سلوكها و نحن نسقط بقوانينا و سلوكنا و ممارستنا و اخلاقنا كل يوم اكثر.

واخيرا في مؤتمر المانحين لفقراء اليمن كل المسلمون بعربهم و عجمهم تبرعون لليمن بحدود ٥٠٠ مليون دولار و كلها من المملكة و نحن اخوانهم, و الغرب لوحده تبرع باكثر من ٧٠٠ مليون دولار. ايضا لم تتقدم لا منظمة الدول الاسلامية ولا جامعة الدول العربية او دولة عربية او اسلامية بمبادرة لاغلاق الحرب في اليمن و هي مشتعلة من ٥ سنوات و نحن اخوانهم. و مختصر الامر اجمل درس في الفضيلة و الدين و القيم ما نشاهده امامنا كسلوك انساني راقي كون بعدها لا نحتاج بلاغة في توصيفه ولا ادلة, و هذا الدرس لا نجده عندنا اشخاص و مجتمع و دول و امة الا بشكل ضئيل مخجل و غير واضح و اقم الصلاة.