خطبة الجمعة- السمكة تخرب من رأسها و عندنا زاد من ذيلها!!!!!
في ٢٠١٤ كانت مشكلتنا الكبيرة فقط ثلاثة و نصف مليار دولار حتى لا تسجل الدولة عجز ميزانية و تتحرك عجلة التنمية و يستقر الاقتصاد و البلاد و يرتاح العباد. كان دعم الدول الغنية لليمن ٥٦ مليون او ١٠٠ مليون او ٣٦ مليون دولار و تصل بعضها الى اكثر من ذلك في مشاريع مختلفة. كان معنا احتياط نقدي ما يقارب ال ٥ مليار دولار مع بنية تحتية ضعيفة و لكنها قابلة للتحسين مع وجود ٨ مليار و ٢٠٠ مليون دولار تعهدات مانحين كباب تنموي اضافي مساعد, و دعم مستمر من دول الاتحاد الاوروبي و الصناديق المانحة و برامج الالفية و غيرها. بجانب ذلك كان يمكن استقطاب ٢ الى ٣ مليار دولار من ابنائنا المغتربين سنويا كاستثمارات لاسيما و البلد كانت تعيش مرحلة جديدة يغلب على المجتمع فيها روح التفائل وقتها, كانت المانيا في خطتها بناء ٢٠ مدرسة في الحزام القبلي لصنعاء من نقاشي مع السفير الالماني في صنعاء وكان هناك برامج مختلفة في الاقتصاد الريفي وتشجيع المرأة و تمكين الشباب و منح و فتح برامج مع جامعات خارجية مشتركة و حراك يتحرك للامام و حتى و ان كان بخطوات سلحفاة , كل هذا نعرفه كلنا و ليس فيه جديد. الجديد هو اننا لم نستوعب الى الان, ان القادم ليس افضل و نحن نتمرتس بعد ثقافة الحرب و نظن اننا على حق.
الان صارت الدول الغنية لديها مشاكلها و دول المنطقة ايضا لديها ما يشغلها عن النظر لليمن من بوابة اصلاحها كون ابنائها لا يهتمون الا بقتل بعض و شيطنة بعض ولا تصدقوا ان عند دول العالم او المنطقة اهتمام ببناء بلد لنا و نحن في فنادق او نستقوي بالسلاح, ولا تصدقوا ان يرفع البند السابع لو يظل الامر سنوات و حتى عقد . اليمن تم احتوائها في اي صراع قادم مع الصين او ايران او موزنبيق او غيرها بمعنى في الساحل الغربي صارت قوات الحراس مجرد شركة امنية و الموانئ لا نحتكم على احدها صح و الجزر خارج السيادة و حتى و ان تبرعت لنا دول للغذاء فلا تزيد عن تبرعات رجال اعمال لمشاريع خيرية في الخارج.
و لو نظرنا لميزان التبرعت فسوف تجد الصين تتبرع لليمن بمبلغ ٦ ملايين دولار, و اليابان بمبلغ ٥ ملايين دولار و هناك دول تتبرع باقل ٣ مليون دولار و هكذا كما حصل في السابق, اي ان اليمن بقيادته و شعبه و مليشياته و مشاريعه المريضة لا يستحقون اكثر من سلات غذاء نطوبر عليها و نستجدها و بشدة. هذه المبالغ التافهة لم اجدها الا محزنة و من دول غنية وهي اول اشارة واضحة لنا لنفهم نقطة واحدة فقط و اقول فقط و نستوعبها ان اليمن تختفي من امامنا. و هنا نحن كمجتمع يمني بنخبه و شرائحه فقط المعنيون بانقاذ بلدنا و ليس غيرنا وما هو ممكن اليوم قد لا نجده غدا. المبالغ للمساعدات هذه لا تسلم في العادة لدول الا اذا كانت الدول ليس لها حجم في الميزان الا كجمعية خيرية او منظمة دولية و لعلمكم نحتاج ٤ الى ٥ مليار دولار لتأمين الاحتياجات الضرورية سنويا, و التي لم نجمع منها بالاستجداء الا مليار و ٣٥٠ مليون دولار وهنا سوف تتوقف ٢٠ منظمة اغاثة من ٣٨ منظمة في القريب .
اخواني يجب ان نفهم ان اليمن غير موجودة في الاعلام العربي و الخارجي الا كبلد عبثي و يجب ان يكون لنا هدف بعيد عن اهداف الخارج, اذا نريد ننقذها و باقل الضرر و على ثقة ان الخارج سوف يساهم و يؤثر ان وجدوا همة و تحرك, فهم مصلحتهم الخروج باقل ضرر و الحفاظ على اليمن ككيان دولة. لا اجد اليوم ان بقاء اليمن هكذا يفيدنا كون سوف نجد انفسنا نعيش بين مليشيات لا ترحم تمارس القتل بشكل مستمر و تصادر حقوق الناس بشكل ظالم بحجج انهم مرتزقة او دحابشة او غيرهم, و تبرعات الخارج سوف تقل و بشكل مخجل, غير ذلك سوف نجد انفسنا شقاة تحت يد غيرنا في بلدنا باليومية لا نمتلك الا الاسم منها, غير ذلك سوف ندفع باطفالنا و نسائنا الى طوابير سلات الغذاء كنتيجة طبيعية لدولة المليشيات المختلفة, كون لا توجد مليشيات مثلت حتى قيم و فضيلة. لذا فالعقل يقول يجب ان نكون مع اي رسالة تدعو لمصالحة وطنية و اغلاق الحرب فما حصل يكفي, كون انت من سوف يخسر. يجب ان نبادر, فلا يجب ان نبقى متلقيين اذلاء للآخرين, فنحن يجب ان نكون ادرى بمصالحنا.
وايضا الاشارة الثانية ترتكز حول التوجهات المختلفة, التي تعيق ان نركز اهتمامنا في اتجاه واحد عندما يكون الامر متعلق بمصير بلد تختفي امامنا. فهذا مع الانفصال و تقرير المصير و ذاك مع الوحدة و هذا مع الانقلاب و ذاك مع الشرعية و لكل منهم منطقه, الذي سطره لنفسه يكون هو بذاته و اهله و مذهبه و منطقته مركز الحدث و المستفيد و ليس الوطن, مما ينتج عنه ان من يقرر هذا ليس الشعب, و انما المستفيد من تأزم الامور و تعقيدها مقابل مصالح انية و ضيقة. فعندما تتداخل السياسة مع الانانية المفرطة المغلفة بالجهل و مع الارتهان للخارج و المغالطات الغير واقعية تختلف الحسابات بعيدا عن المصلحة العامة للبلد و بعيدا عن الواقع فيخسر الكل و اقول الكل متناسين ان اليمن الموحدة المتسامح و المنفتح و الديمقراطي هي الخيار المفضل اقتصاديا و تنمويا و سياسيا, اذا اردنا يكون لنا مكان بين الامم في عصر تتجمع فيه اليوم دول و مجتمعات, تنفتح فيها ثقافتها و تتشابك مصالحها و مصيرها حيث تلاشت الحدود و الطوائف برغم اختلاف الاعراق.
اليوم كان يجب علينا التركيز جميعاً على التعليم و التنمية بدل الحرب و الصراع و الانفصال و سلات الغذاء و المرتبات لكن تركنا المهم و شغلنا انفسنا بامور لن توصل لهدف و سوف تذكرون ما قلته من قبل. كان يجب علينا العمل المشترك لبناء مستقبل أفضل لأولادنا و أطفالنا، كان يجب علينا أن نختصر عليهم طريق التشرذم من جديد، كان يجب علينا التفكير بالتوحد في فكرنا من جديد على أهداف الثورة و مستحقاتها على صعيد السلم الاجتماعي و الوحدة الوطنية. كان يجب علينا أن نفكر ان الحرب بما ينجم عنها من ارتهان و فوضى و دمار وثأر وفقر و تشرذم سوف تنتهي ان فكرنا فقط أن نبني لأولادنا وطناً متسعاً بحجم أحلامهم يتجاوز الجغرافيا و المناطقية و الحزبية و الفئوية و السلالية و الماضي بكل أشكاله.
واخيرا علينا أن ننظر للماضي للاستفادة من أخطائه و ليس للبحث في الماضي عن حلول و نمضي للأمام ، فلقد علمتنا تجارب البشر أن الناظرين للماضي كثيراً لا يقدمون على خطوات بناءة لأممهم و انما يقدمون على جر من حولهم من الغلابة الى المَآسِي و الفقر و انظروا حولكم لتعرفوا اين انتم واين هم . لذا فالعقل يقول يجب ان نكون مع اي رسالة تدعو لمصالحة وطنية و اغلاق الحرب فذلك يكفي كون انت من سوف يخسر. يجب ان نبادر, فلا يجب ان نبقى متلقيين اذلاء للآخرين, فنحن يجب ان نكون ادرى بمصالحنا.
و قبل اقامة الصلاة نستحضر المقولة ان السمكة تخرب من رأسها و الجوار وصلوا لنا ايضا ان رأسها مغطى بالتجاعيد و الفطريات ولا فائدة و زاد خربت من ذيلها.
واقم الصلاة