الاربعاء ، ٢٨ اكتوبر ٢٠٢٠ الساعة ١٠:٥٠ مساءً
مشاركة

النقش الأوّل: جمهوريّاً جئتُ وجمهوريّاً عشتُ وجمهوريّاً سأموتْ. أؤمنُ باللهِ العادلْ، وبأنَّ الناسَ سواسيةٌ في الحبِّ سواسيةٌ في الخبزِ سواسيةٌ في الموتِ سواسيةٌ في الجنَّةِ أو في النّارْ. لا فَضْلَ لأمريكيٍّ في الغربِ على روسيٍّ في الشَّرْقْ، لا فَضْلَ لصينيٍّ في الشرقِ على هنديٍّ في الشَّرْقْ، لا فَضْلَ لأوروبيٍّ في الغربِ على عَرَبيٍّ في الشَّرْقْ.. الفَضْلُ الحقُّ لمنْ يعبرُ جِسْرَ الخوفِ، ويصنعُ منْ عَرَقِ العمرِ ومنَ الرِّيْحِ ثياباً ومنَ البحرِ المالحِ نَبْعاً ومنْ زادِ الشوقِ نشيداً أخضرْ.

النقش الثاني: يا وجهَ بلادي يا وجهَ الأمِّ الطّالعِ منْ قاعِ الموتِ.. الفَجْرُ وعيناكِ دليلي في الأولى والأخرى. تكبرُ آهاتي حينَ تنامينَ على جمرِ الحزنِ على سيفِ مواعيدِ الحُلُمِ الكاذبْ.

أتبعثرُ في قبري يسحقُني رملُ اللَّيلِ تقاتلُني الذِّكْرى ويغادرُني صَبْرُ الأمواتِ؛ فأخرجُ منْ قبري ممتطياً صوتَ الجسدِ المذبوحْ مقطوعاً منْ شَجَرِ الخوفِ أفتِّشُ عنْ وجهي عنْ دربٍ مغسولٍ بالدَّمْ.

النقش الثالث: وجهي.. وجهانْ: وجهٌ للموتِ ووجهٌ للتاريخْ، وجهٌ للسيفِ ووجهٌ للتّابوتْ، وجهٌ للصخرِ ووجهٌ لقناديلِ اللَّيْلْ. الحرفُ نهارٌ لا يرجعُ للخَلْفِ جوادٌ لا يكبو، يفتحُ نافذةً في النَّجْمِ ويمضي ممتطياً وجهَ دمِ الأسرى وجراحَ المغدورينَ، وينهض منتشراً في الأحداقِ كضوءِ الشمسِ، يزغردُ في حنجرةِ الموتى، ويطلُّ منَ الصَّلَواتِ ومنْ أجسادِ دمِ الشُّهداءْ.

– من ديوان “أوراق الجسد العائد من الموت”