لي بيتٌ في الريف
حديقتهُ حقلٌ مترامي الأطراف،
وتحرسه رائحةُ الورد.
إذا ما انتصف الليل
صعدتُ إلى السطح
لكي تتقاسمَ روحي وأنا
أنغامَ نجومٍ حالمةٍ
تذرع وجهَ سماءِ الليل
وتكتب أعذبَ ما
يهفو القلب إليه
من الكلمات.
* * *
لي بيتٌ في الريف
هو الأبهى
والأكثر إشباعاً للروح
جمعتُ حجارته بيدي
وأقمت الجدران على شكل
قصيدةِ شعرٍ
لا تخضع للوزن
وساعدني "بيكاسو"
في رسم الواجهة المفروشةِ
باللون الأخضر والأزرق.
* * *
لي بيتٌ في الريف
مساحتهُ بضعةَ أمتارٍ
وله بابٌ من خشب الطلح
نوافذهُ تحملني كل شروقٍ
نحو جبال عالقةٍ بالشمس
وآكـامٍ تغمس ماءَ أصابعها
في بلّور العشب
وتختال بشالٍ
نسجتهُ النسمات
من الضوء الأخضر.
* * *
لي بيتٌ في الريف
أنيقٌ وشفيفٌ
تغسله الشمسُ صباحاً
والليلُ مساءً
حين تحاصرني دوامةُ حزني
ويضيق القلب
أفر إليه
لأنفضَ عن روحي
ما أثقلها
من فيروسات المدن الشوهاء.
* * *
لي بيت في الريف
يمر الراعي كل صباحٍ
من تحت نوافذهِ
تتقدمه نحو الوادي
أغنامٌ تتكاثر يوماً عن يوم
وساعة يشتد أُوارُ الشمس
ووابلُ لفحِ ظهيرتهِ
يغشى القريةَ صمتٌ وسكونٌ
وهي تتابع أنغاماً ناعمةً كالسحر
تهب عليها من جنب الوادي
تعزفها شَبابةُ راعي الأغنام.
* * *
لي بيتٌ في الريف
بلا مفتاحٍ
تدخله في الليل نجومٌ تائهةٌ
أسرابُ حَمَامٍ
تبحث عن مأوى.
بيتٌ مفتوح للضوء
وللظل
وللموسيقى
لعصافيرَ توشوش
عند الفجر
لتوقظَ غزلانَ الصبح
ومجرى الماء النائمْ.
* * *
لي بيتٌ في الريف
إذا ما عدتُ إليهِ
يستقبلني شجرُ السرو
ودفءُ الباب
وعشبُ الممشى
وفَراشاتٌ يرقصن على إيقاع
مياهِ الجدول
ساعة تحتكّ أصابُعها المبتلةُ
بحصى الوديان.
* * *
لي بيتٌ في الريف
على منحدرِ القريةِ
لم يرهُ غيري
شادتهُ يدُ الحلم
على مهلٍ
واختارت للأحجار
اللون الهادئَ،
ألقاه على ورق الحرف
رخامُ الكلماتْ.
* * *
هل صدَّقتم يا أحبابي
أني أملك بيتاً في الريف
تداعبه الشمسُ
وتحرسه رائحة الورد
يمر الراعي من تحت نوافذه؟
ذلك... حلمٌ عذبٌ راودني
منذ هبوط الشعرُ على قلبي الأعمى
فارتدَّ بصيراً،
وعلت روحي، فرأتْ
من ملكوت الله الأعلى
ما ليس يُرى.
*صفحة الدكتور المقالح على الفيسبوك