أسوأ المنعطفات في معركة اليوم هي تلك اللحظة التي يكون بجانبك أو بالقرب منك من يدعوك إلى التعقل بعدم ذكر ما مضى من تأريخ الإمامة البغيض، كون السابقين لا صلة لهم باللاحقين من الحوثيين! لسنا بحاجة إلى معايير يطرحها أولئك الذين ينزعجون من فضح ممارسات الأئمة ووزرائهم ومعاونيهم كون أحد أولئك الهالكين جد أحد هؤلاء الدعاة إلى التفرقة بين كهنة الحاضر والماضي، بحجة أن هؤلاء أثنى عشريين وأولئك زيديون! بينما الحقيقة تقول إن الفكر والعقيدة الحالية هي امتداد لتنظيرات من سبقوهم. أو لم يكن الهادي وأولاده وأحفاده والعياني وأولاده ومن أتى بعدهم جميعا قد حكموا بكفر من خالف وجوب تسليم الحكم لسلالة “البطنين”..؟! إن الذي مازال يؤمن بقناعته المطلقة أنه حفيد لأحد الكهنة وفق خيريتهم على من أتى بعدهم فهو يؤمن بأفضليته على أفراد الشعب، وربما كان عداؤه للحوثيين من باب أنه يرى نفسه أحق منهم بـ”الحكم المقدس” وهو أخطر من العدو الواضح في معركة اليوم المصيرية. في المقابل، إن من انصهر في المجتمع كواحد من الناس لا أفضلية ولا خيرية لأحد على أحد بعد كل هذه العصور فلن يوجعه قلبه على فضح وتعرية كل من أحلوا الدماء وهتكوا الأعراض ونهبوا الممتلكات لكي يحكموا بالقهر. اليوم يسعى أحفاد الكهنة عبر صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك وتويتر وقنوات فضائية وإذاعات محلية) إلى طمس الوعي الجمهوري من خلال نسج خيالات وأكاذيب مكشوفة عبر تزييف التاريخ القريب بغية تحويل الطاغية يحيى حميد الدين وولده أحمد وحفيده البدر إلى حمائم سلام انقلب عليهم الأحرار بعدما وثقوا بهم!! هم يعلمون أنهم حاليا لن يستطيعوا فعل شىء أكثر من خداع المخدوعين بهم، لكنهم يريدون إرباك الصورة التي ارتسمت عن الكهنة خلال فترة حكم الجمهورية، بغية التشويش وتحييد نظرة الأجيال القائمة في مناطق سيطرتهم، لضمان صمتهم أثناء تنفيذ استراتيجية التزييف الكلي، وإنشاء أجيال صاعدة وغيرها لاحقة بحيث تكبر وتنشأ وهي لا تعرف غير التسبيح والخنوع لهم، وفق اساليب جاهزة ومقولبة بإغراءات قديمة وحديثة عُلّبت في إيران وجنوب لبنان والنجف، لتزيين خرافات “آل البيت” و”الولاية” وما تلاها من أفضلية وقداسة وخرافات أخرى اندثر بريقها يوم ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢ أي قبل نصف قرن فقط. هم يدركون أيضا أن هذه المعركة بدأت منذ وقت مبكر، مع قدوم الهالك الرسي، عندما حاول أبناؤه طمس الوعي وتشتيت الهوية اليمانية مستبدلينها بفكر وهواية التشيع القادم من طبرستان والديلم، انبرى لهم الحسن بن أحمد الهمداني ونشوان بن سعيد الحميري وغيرهم من الأحرار على امتداد ما يقرب من اثني عشر قرنا كان الصراع الفكري فيها اكثر منه حربيا وقتاليا. إن كانوا هم لا يخجلون من تغيير الحقائق القريبة بجعل الكهنة أولياء صالحين، فإنا لن نخجل من تعريتهم وكشف حقائقهم التي دونها أقرب المقربين منهم، على انهم ليسوا سوى مسوخ من الأمراض النفسيين لم يكن يشفي غليل أحدهم مالم ينهب أو يقتل أو يستخدم الدجل لتسليط قبيلة على أخرى مقابل ما يسد جوع صفارها، بعد أن مارسوا جاهدين كل قبيح يؤدي إلى تجويع تلك القبائل منذ أزمان سابقة لتلك الحروب العبثية. لن نخجل من قول ما دونته تلك الصفحات، أنهم ليسوا صالحين، ولا مصلحين، وأنهم كانوا يحببون لأنفسهم من ما أطلقوا عليها “فواحش ومنكرات” ينكرونها على الناس، ويعاقبونهم عليها أو على التهم الكيدية بها، لكل من يخالفهم بالجلد أو القتل، أثناء ارتدائهم لأثواب الفضيلة وعمائم التزييف. لا يوجد أمامنا غير المواجهة في مختلف المعارك والميادين، وليس لنا عذر وقد كشر أولئك الأحفاد عن انيابهم، وشمروا عن سواعدهم، في مضامير الإعلام والسياسة والاقتصاد والحقوق والعلاقات، إلى جانب استغلالهم لكل ما من شأنه تدعيم مواقفهم ضدنا نحن أبناء اليمن، وكل من يخرج نسبه عن مشجرهم السلالي في الجزيرة العربية والعالم، وإن اظهروا عكس تلك الحقيقة. هذه معركتنا التي فرضت علينا يا شباب اليمن وليس ثمة ما ينجينا غير المواجهة بشرف، والحرب سجال.