(عن مسلسل الخوالي وعن الشامي البطل وعن نصار اليمني الذي ننتظره في كل بلدة). منذ أيام أشاهد مسلسل “الخوالي”.. أذكر أنني شاهدته عندما كنت طفلاً، ولكن لم أتذكره جيداً، فقررت إعادته؛ لأقيس مدى انبهارنا، آنذاك، هل هو حقيقي أم الطفولة من تدعنا نرى الأشياء عظيمة. وفعلاً شاهدته. كان مسلسل نصار بن عريبي صرخة درامية شامخة، يا له من مسلسل، يا للسوري الشامخ، والكبير، الثائر النبيل.. قصة نصار حقيقية، حدثت في مستهل القرن المنصرم، بدمشق الشام، وبكيت وأنا أعيش الظلم الذي عاشه، أمه أمي، نسوة الحارة هن نساء بلدتي، ورفاقه رفاق صباي، والرجال المدججون بالأنفة أهلي وعزوتي، نعم. هكذا شاهدته، وكنت وأنا أشاهده أفكر بنا نحن الذين بلا بطولات، في زمن الحوثي، وبلا رجال يحارب كل أحد بمعركته. يستطيع كل يمني أن يكون نصار بن عريبي.. نصار الذي بدأ لوحده يواجه الظلم العصملي في حارته، كان واحداً وأصبح عشرة، أصبح ألفاً، أصبح الشام كلها، وواجه تركيا الكبيرة والتي لا حدود لقوتها ولا شبيه للحوثي في جبروتها، صحيح ظلم الحوثي أشد ولكن قوة الحوثي أضعف بكثير لكن ظهر نصار بدمشق ولم يظهر نصار هنا، نحتاج في كل حارة من حوارينا نصار، في كل مدينة، في كل حي ومديرية، وفي كل عزلة، وفي كل ريف. ثار نصار لوحده دون سلاح، تعرض ليوم واحد فقط للظلم، في كاراكون، أي قسم شرطة وخرج ضارباً بحياته في البراري، ينام في المقبرة، ومع الوحوش في الجبال، يأخذ سلاحه من الجندي العثماني، وتسامعت به كل الشام، لحقه الأول، والثاني، والثالث، إلى مغارته في الجبل وأصبح الرمز الأول لهم. كان السكين سلاحهم فقط، كان حيازة الأسلحة البسيطة آنذاك جريمة يعاقب عليها المحتل، أشد العقوبة، ولكن بالجد والجهد حازوا السلاح، توفرت القضية فتوفر لهم الشيوخ، شيوخ كل بلدة، بالمال والسلاح. الكل، قلت الكل، شاهد مسلسل نصار. عليكم مشاهدته مرة أخرى، تتوافر الظروف ليكن كل واحد منكم “نصار”، السلاح كثير، في كل قرية وبيت، ويمكنكم أن تكونوا أبطالا يؤلف عنكم الجيل القادم الكتب، سيناريست يكتب قصص بطولاتكم، نصار العنسي، أو نصار البعداني، نصار الشرعبي، نصار العتمي، نصار الحاشدي، نصار البكيلي، نصار المرادي، نصار في كل بلدة، بالعمق الحوثي. النصر من الداخل، في الداخل، الجيوش محكومة بالجبهات، بالاتفاقيات، بالتناقضات. كونوا عونا للجيوش، هيئوا الظروف لكي تتحرك الألوية الجمهورية، أنتم مكلفون أيضاً بالحرب هذه، كل قادر على حمل السلاح هو مكلف بأداء دوره، فقط لا تحبوا الحياة، وهل هذه حياة! التضحيات، خوف التضحية لن يستعيد الجمهورية، لو خاف نصار من الموت لما عاش وتزوج حبيبته لطفية وأنجب أربعة أولاد وبنتين، قبل ذلك كان على حبل المشنقة، بل ركل الجندي العثماني كرسي الإعدام التي تحته لولا الشام، الشام التي أنقذته بلحظته الأخيرة للحياة، وحجزت بينه وبين الموت وقتلت الشام وهي تنقذه الحكمدار، قتلت اليوزباشي، بعدها عاشوا كلهم بسعادة. منتهى الكلام، أصبح نصار بن عريبي بطلاً بسبب دفاعه عن طفل ضد الدرك العثماني، كان طفلاً يتيماً، وفيما يتفرج الجميع وهم بحارته يضربونه، ركلاً ورفساً، دافع عنه نصار، ضرب الدرك، ثم تكالبوا عليه، وفي السجن تعرض نصار للتعذيب، كان اليوز باشي يضع حذاؤه بوجه نصار، غادر نصار السجن، كيف لنصار السكوت وهو يتذكر الحذاء بوجهه، يا له الرجل الشامي من حر، وأصبح نصار الملهم للثورات من الصفر، وصيته بالعالم كله. كونوا “نصار” من أجل نسائكم المعتقلات، من أجل رواتبكم ولقمة عيشكم، من أجل الأحذية التي توضع على شواربكم في زنازين الحوثي، ومن أجل رفاقكم القتلى، من أجل حياة كريمة.. من أجل كل شيء، كونوا نصار، وألف نصار.