تكشف الخطة "البريمرية" المستحدثة معالم المرحلة المقبلة بكل تجلياتها و مآلاتها على واقع الأرض عمليا و على صعيد الخطاب رسميا وعلى مايبدو اننا امام "بريمر عربي" يعرف ما الذي يريده من جميع الاطراف الخاضعة للتجربة البريمرية الماضية في عملية تطويع معادلة القوة و فرض نظرية التحكم و السيطرة . وقد نسميها خطة وقد نصفها بالتجربة ، لكنها وعلى حدا سواء نتيجة طبيعية لحالة الاستنزاف والإنهاك المتمكنة من كل فرقاء اللعبة السياسية من الداخل .
وفيما يبدو ان الجزء الأول من الخطة يسير على نحو متسارع و يهدف الى إيجاد "الذريعة الجاهزة" لبدء جولة جديدة من الفوضى ومن أهم اشتراطاتها انسحاب وحدات الجيش من مواقعها وإبدالها بـ "القوات المهجنة" مع إعادة الوضع العسكري إلى ماقبل احداث أغسطس و تسريع عملية إعادة تموضع وانتشار تلك القوات الهجينة .. وتأتي فيما بعد اشتراطات الشق الثاني من الخطة وعلى رأسها تعيين محافظين ووكلاء عموم خلفا لأسلافهم المناوئين للخطة .
هناك توجه لنزع الصفة الشرعية والاعتبارية عن الجهة السيادية المفترضة والتي تحاك بخصوصها الخطط والسياسات الهادفة الى تجريدها مما تبقى لها من خيارات البقاء والتي يتم القضاء عليها مع كل أزمة طارئة تدار بعناية فائقة من الجهات المتربصة بها ، لجعلها أسما على ورق و للتحجيم من دورها مع الاحتفاظ باعتباراتها الرمزية والقانونية امام الأقليم والمجتمع الدولي متى ما تم الوصول لصيغة توافقية دولية حول الحل السياسي الشامل .
وكل المؤشرات التي تؤكد حتمية القضاء المبرم على هامش "الدولة الوطنية" الممزقة والمنقسمة اقطابها وتوجهاتها لا تتعارض مع تطلعات عواصم غربية عديده يبدو انه جرى إعلامها بالخطة والاتفاق معها على كامل تفاصيلها .. وعلى نفس نسق وتيرة الحصار وتضييق الخناق الجارية والمعمول بها تجري الاستحداثات ذات الأولوية القصوى من الخطة غربا وشرقا .
وماعدا ذلك من الهراء الوطني المدفوع ثمنه والمنبطح للخطة وما يقابلها من محاولات الاستماتة الوطنية الرافضة للخطة ليست إلا غطاء لتمرير كل الإجندة المطلوب تحقيقها عبر المزيد من فوضى الحروب الصغيرة الخارجة عن سياق الاهداف المعلنة والتي كان من الممكن اخمادها مقابل جرة قلم رفض ان يوقع .