ما أوجع الليلة والبارحة!

ثريا الشيباني
الاثنين ، ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠١:٠٧ صباحاً
مشاركة

استيقظ اليمنيون في داخل اليمن وخارجها على حادثة مروعة وحدت غضبهم و استهجانهم وهم يقرأون خبر مقتل المواطنة (ختام العشاري) أمام أطفالها بعد أن تهجم على بيتهم مشرف حوثي وانهال على الأم بالضرب حتى الموت.

وفي الساعات الأولى من توارد الخبر اختلف المشاركون للخبر فيما إن كانت المرأة حاملاً أو نفساء إلا أنهم اتفقوا على وصف الحادثة بالعار على كل اليمنيين، فحسب العادات اليمنية يعد من العيب الكبير أن يتهجم رجل على بيت في حال عدم وجود رجل بالبيت حتى لو لم يمسس أحداً بسوء، فكيف به يعتدي على امراة بالضرب حتى الموت أمام أطفالها!

جريمة تعيد للأذهان كيف تم ضرب أم اليمنيين في 2014 م أمام أبنائها وهي حامل بالتغيير الذي كادت تضعه خلال أشهر عبر دستور وطني يحتكم له أبناؤها ويسيرون على خطاه وهم يتوجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيار السلطة التشريعية ثم إنجاز السلطة التنفيذية وباقي سلطات الدولة ومؤسساتها.

كانت أم اليمنيين تُضرب من قبل مليشيا الإنقلاب وبمباركة دولية وبتواطؤ من قيادة مؤسسة الجيش والأمن أمام أعين أولادها.

عجز أطفال العشاري عن الدفاع عن أمهم ولم يملكوا سوى البكاء والفجيعة، أما أبناء المغدورة اليمن في 2014 فقد انقسموا بين مدافعين عن أمهم تم وصمهم بالجماعات الدينية المسلحة أو مستاء اكتفى بالبكاء، أو مندد ينظر اليه في أحسن الأحوال كساذج إن لم يتهم بأنه مسعر حرب لأنه يعتنق مبدأ مقاومة الانقلاب بالسلاح وإن لم يحمله.

كما ظهر لليمن أبناء لا يشبهون أطفال العشاري البتة، أبناء لم يرعبهم أن يروا أمهم الحبلى بالتغيير تضرب حتى الموت، فالمشهد كان في نظرهم مجرد مبارزة بين جماعات مسلحة ستؤول نهايتها إلى انتصار جماعة على أخرى فتشرب الجماعة المنتصرة كأس النصر في احتفال بهيج ثم تعود إلى ثكناتها.

كان هذا المشهد الذي رسمه هؤلاء الأبناء يبرر لهم اللامبالاة التي تعاملوا بها مع خطر الانقلاب الذي يبرح أمهم ضرباً وتعداها آخرون الى النكايات ، فمنهم من صفق نكاية في القبيلة التي يحمل لها ضغينة ما أو نكاية في حزب الإصلاح الذي لا يروق له أو نكاية في ثورة التغيير التي لم يؤمن بها.

ماتت الأم الحبلى بالتغيير وعاش انقسام أولادها و تباينت أقدارهم، فالذين اختاروا الدفاع السلمي أو المسلح انتهى بهم الحال إما في المقابر أو المعتقلات أو جبهات الحرب الطويلة، أما الذين اكتفوا بالبكاء والتنديد أو الذين هربوا إلى اللامبالاة أو الذين غرتهم النكايات فهم اليوم بين مشردٍ ومهاجرٍ أو عالقٍ في جثة أمه المغدورة يلتمس الرحمة والمغفرة من قاتلها ويتهم أخوته الفارين بالخذلان والخيانة ثم يحلم بمعجزة تبعث أمه من موتها، وما المعجزات إلا صنائع الشعوب التي لطالما أرادت البعث واستجاب القدر.